مجتمع

أسر عانت مع أطفالها في ظل الحجر: كفاح أسر مع أطفال مرضى الفينيلكيتون

مدنا تحالف الأمراض النادرة في المغرب، برئاسة الدكتورة خديجة موسيار، بهذه الورقة، لأجل لفت الانتباه إلى الوضع الحالي للأطفال الذين يعانون من مرض بيلة الفينيل كيتون (Phenylketonuria symptoms)، هذا المرض الخطير الذي يمكن الوقاية منه في المغرب بأخذ التدابير اللازمة.

ينتج هذا المرض الوراثي النادر بسبب التراكم التدريجي في جسم الأطفال  لمادة الفينيل ألانين. هدا التراكم السام للدماغ  يسبب تخلفًا عقليًا ومشاكل عصبية خطيرة. لا بد من تشخيص المرض قبل سن 3 أشهر واتباع نظام غذائي صارم يستمر طوال فترة الطفولة لضمان النمو الذهني الطبيعي للطفل.

في المغرب، بالإضافة إلى القيود الناتجة عن المرض، تعيش العائلات أوضاعا صعبة بين عدم توفر الأطعمة الخاصة بالمرض وبين أسعارها المرتفعة جدا.في ظروف وباء الفيروس التاجي والحجر الصحي، عاشت العائلات، التي تنقد أطفالها في الأوقات العادية من خلال التبرعات من المحسنين الأجانب، مأساة حقيقية وحجب الحدود والحجر أوقف عمليا هذه المساعدة وجوع الأطفال

أعراض و سبب المرض

مرض بيلة فينيل كيتون ينتج عن اضطراب التمثيل الغذائي للفينيل ألانين، وهو حمض أميني موجود في النظام الغذائي. يتم تحويله بشكل طبيعي إلى حمض أميني آخر، التيروزين، عن طريق إنزيم  التي يكون فيها خللا في مرض بيلة فينيل كيتون.

يصاب الأطفال بالتخلف العقلي التدريجي وبأعراض أخرى مثل نوبات الصرع والغثيان والقيء وطفح جلدي  يشبه الإكزيما وفرط النشاط والعدوانية أو إيذاء النفس ونقص في نمو محيط الرأس والدماغ. يكون لون الجلد والشعر والعينين فاتحا، أو على الأقل أكثر وضوحا من أفراد الأسرة الآخرين بسبب نقص في التيروزين. غالبًا ما تنبعث من الأطفال المصابين رائحة متعفنة أو تشبه رائحة “الفئران” بسبب وجود ناتج ثانوي للفينيل ألانين في البول والعرق.

غالبًا ما يتم الخلط بين مرض بيلة الفينيل كيتون والتوحد، وحتى من قبل المهنيين الصحيين، بسبب المشاكل السلوكية: العدوان، ونقص اكتساب المهارات الفكرية والحركية. مما يسبب تأخير في التشخيص مدمر للغاية.

متابعة النظام الغذائي العلاجي شبه مستحيلة عمليا في المغرب

يجب أن يتبع الطفل نظامًا غذائيًا قاسيًا منخفض البروتين ، حيث تتم إزالة اللحوم والأسماك والبيض ومنتجات الألبان والأطعمة النشوية حتى سن 12 عامًا، ثم، تبعًا للحالة ، يتم تخفيف الحمية قليلا أثناء فترة المراهقة .بعبارة أخرى، عمليا كل شيء ممنوع عليه في البداية. لكن عدم توفر المنتجات الغذائية المخصصة في المغرب (الطحين والمعكرونة الخاصة والمواد المكملة…) يجعل الأطفال “يموتون من الجوع” لاحترام قواعد الحمية.

على سبيل المثال، علبة حليب الخاصة للأطفال المصابين تكلف 500 درهم ولا تتوفر في المغرب وحتى لو إذا العائلات دبرت أمورها للحصول عليها لا يتم تعويضها.  بالإضافة إلى ذلك، يوجد دواء، يحفز تدهور الفينيل ألانين ويخفف من قسوة النظام الغذائي لدى بعض الأطفال، ولكنه أيضًا غير متوفر في المغرب!

مأساة الحجزالصحي: الأطفال “يموتون جوعًا”

تحاول الجمعية المغربية لمرضى بيلة فينيل كيتون برئاسة  تورية تغرودين، رغم قلة الموارد المالية، المساعدة ودعم الأطفال وأسرهم من خلال تزويدهم بالطعام المناسب الذي يتلقونه من المحسنين الأجانب (غالبًا من أصل مغربي). كما تقدم المساعدة في إجراء التحليلات البيولوجية الضرورية المنتظمة على رأس كل أسبوعين: للتحقق من مستوى فينيل ألانين في الدم  والذي يكلف حوالي 250 درهم، وهو مبلغ متكرر لا تستطيع العديد من العائلات تحمله.

خلال فترة الحجر، كانت هناك صعوبات في الإمدادات الغذائية وكان على الجمعية التعامل معها عن طريق تقنين المنتجات التي لديهم لتوزيعها على 70 طفلاً من الأعضاء. يمكن أن تسمى حياة هؤلاء الأطفال “النضال من أجل الحياة” في هده الأوقات!

الحل لضمان حياة “سعيدة” لآلاف الأطفال: الفحص  الممنهج عند الولادة

يصيب مرض بيلة الفينيل كيتون ما بين 1 من بين كل 20.000 طفل حديث الولادة إلى طفل من بين كل 4.000 على حسب كل  بلد، وهذا الرقم الأخير هو الأكثر احتمالاً في المغرب بسبب زواج الأقارب الذي لا زال منتشرا. ومما يفاقم الأمور، نادرا ما يتم رصد المرض لدى حديثي الولادة، مما يؤدي بالتأكيد إلى وجود عدة مئات من الأطفال ذوي الإعاقات العقلية في المغرب من جراء هذا المرض. رغم وجود اختبارً بسيط مطبق في جميع الدول الأوروبية، يتم إجراؤه على بضع قطرات من الدم  يتم أخدهم في اليوم الثالث من العمر و يمكن بدالك  تجنب الإعاقة باعتماد الحمية الخاصة.

نداء متجدد لفحص حديثي الولادة

يدعو تحالف الأمراض النادرة بالمغرب مرة أخرى هذا العام ، بمناسبة اليوم العالمي للمرض الذي يخلد في 28 يونيو، إلى توسيع هذه المشكلة إلى برنامج فحص حديثي الولادة يخص 4 أمراض نادرة أخرى بالإضافة إلى بيلة الفينيل كيتون تستحق نفس الاهتمام: قصور الغدة الدرقية الخلقي (يمكن علاجه عن طريق دواء غير مكلف: هرمون الغدة الدرقية) و مرض تضخم الغدة الكظرية الخلقي (اضطراب الهرمونات الذي يسبب نوبات الجفاف المهددة للحياة)، ومرض فقر الدم المنجلي ومرض التليف الكيسي الذي يؤثر بشكل رئيسي على الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي.


الدكتورة خديجة موسيار

اختصاصية في الطب الباطني وأمراض  الشيخوخة  

 رئيسة ائتلاف الأمراض النادرة المغرب 

رئيسة الجمعية المغربية لأمراض المناعة الذاتية والجهازية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock