كرونيك

جمال الدبوز

شبه جمال الدبوز بعض المغاربة في طريق عودتهم من فرنسا عبر إسبانيا خلال فترة السبعينات والثمانينات، بحيوان بري ينتقل عبر قطعان كبيرة بحثا عن المرعى والكلأ .

ضحك الحاضرون داخل الأستوديو الأنيق. مقدم البرنامج يتكلم فرنسية جميلة ويسأل بأدب كبير ضيفه الفرنسي من أصول مغربية، الممثل جمال.

يحكي جمال بكل طلاقة عن طفولة تمر في ضواحي باريس، وتنهل من شمس بلد منشأ الوالدين في كل صيف.

يصر جمال أن العطلة كلمة مفرد.

باللغة الفرنسية، العطلة جمع، وهي متعة تقتضي مالا وحجزا فندقيا وأنشطة خارجة عن المألوف اليومي.

يقفز البعض بالمظلات، فيما يتذوق آخرون طعاما غريبا في دروب بانكوك أو شوارع نيويورك.

السياح يركبون أفيالا في جولات عبر ادغال  في دول بعيدة.

في السبعينات، يصل مغاربة فرنسا على متن سيارات تحمل داخلها ركابا كثر وفوقها متاعا متنوعا. يستقبلهم الأهل في القرى والبوادي وضواحي المدن بفرحة المنتصرين في معركة ما.

عادة، تشمل هدايا القادمين قارورات عطر رخيصة، علب الشاي وأشياء لا تجمعها أية علاقة سببية أو فلسفية؛ ثلاجة صغيرة حمراء لا تعمل، نصف قيثارة بثلاثة أوتار فقط، أحذية رياضية يفوق قياسها القياس المتداول بين البشر، منشورات انتخابية على شكل كتيبات ملونة تمجد حزبا يمينيا مغمورا.

تتعايش لكنة أطفال حي كليشي أو سان دوني الباريسيان بدارجة أو أمازيغية أبناء القرية.

يلعب الجميع بفرح وببساطة. ثم تنتهي العطلة.

يعود المغاربة إلى فرنسا بسيارات فارغة وأطفال لفحتهم الشمس وأدمت ملاعب التراب والحصى ركبهم.

في طريق العودة، يستمع الأب والأم بكثير من الحنين لأسطوانات الشعبي التي اقتنوها من البلاد.

في تلك الفترة، أطلقت الدولة على هؤلاء الكادحين مصطلح العمال المغاربة بالخارج. لم يكونو سوى عمالا، لا غير.

هناك، هم أجانب مغاربيون.

هنا، هم مهاجرون يشبهون الفرنسيين دون أن يعترف لهم أحد بخصائصهم الأوربية المكتسبة.

وبين الضفتين، معاناة هوياتية ومادية بلا حدود.

لمع نجم أبناء الجيل الثاني والثالث في فرنسا، في كرة القدم، في العلم، وفي الفن، خصوصا.

أبناء المهاجرين يذكرون دائما نخبة فرنسا البيضاء النقية والمتعالية، إنهم يصنعون مجد هذا البلد كل اليوم.

تحدث جمال الدبوز عن طفولة موشومة بالفقر ومعاناة طبقية رهيبة، بسخرية لاذعة تخفي حقيقة الهجرة والمهاجرين، وربما تخفي كذلك معاناة لم تنته يوما.

فن الفكاهة يشبه ماسحات الزجاج، رغم أنها لا توقف المطر، فهي تسمح لنا بالسير قدما. جيرار جينيو (ممثل ومخرج فرنسي.)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock