مدارات

نرتديها أم لا نرتديها: كمامات.. إسلاموفوبيا، سخرية ونشل…!

من العاصمة السويسرية جنيف، حيث مقر منظمة الصحة العالمية التي أرهقت سكان العالم بتعليماتها المتضاربة حول كيفية الوقاية من فيروس كورونا المستجد.

وتضاربت تصريحات مسؤولي المنظمة في كل خرجة صحافية بين: “المنظمة ترى أن ارتداء الكمامات مفيد في الوقاية من الفيروس”، “ارتداء الكمامات لا يقي تماماً من الفيروس”، “ننصح بقصر ارتداء الكمامات على أفراد الطواقم الطبية”، “لا يوجد دليل علمي على أن الكمامات تحمي من الفيروس”، “ربما تساعد الكمامات على نشر الفيروس” وغيرها من الرسائل المتضاربة كانت كفيلة بضرب جدوى الكمامة في مقتل، لولا عاملها النفسي الذي يمدّ مرتديها بشعور بالثقة بأنه في مأمن.

ثم ها نحن أمام إعلان ضمن عشرات الإعلانات يروج لمنتج جديد من الكمامات القطنية: “بقاؤك في البيت أمان، لكن لو اضطررت للنزول اختر القطن…”، قبل أن يصطدم بتحذيرات طبية تفيد ان الكمامات القطنية ليست طبية، ولا تقي من انتقال عدوى الفيروس الفتاك..

دفعت مصداقية الكمامات باعتبارها وسيلة أمان في زمن الفيروس البعض إلى انتهاز الفرصة والتذكير بالأمس القريب، يوم أن أبدت دول عدة انزعاجها من “الكمامات الدينية” أو النقاب، حيث تغطية وجوه النساء والفتيات لأسباب دينية، ووصل الأمر ببعضها إلى تجريم ارتدائه.

وفي فرنسا، إحدى أبرز الدول التي خاضت حرباً لمنع النقاب، تعرّض الرئيس إيمانويل ماكرون إلى انتقادات البعض، حين ظهر مرتدياً كمامة خلال ماي الماضي تزامناً مع تأكيد الحكومة الفرنسية استمرار منع النقاب والبرقع خلال انتشار الوباء، وهو ما وصفه البعض بـ”شفافية الإسلاموفوبيا في زمن كورونا”.

شفافية أخرى كشف عنها زمن كورونا، وهي شفافية تحقيق الأرباح والاستفادة من الأوضاع. كم هائل من مواقع التجارة على الإنترنت خصص جانباً لا بأس به من نشاطه لتجارة الكمامات. صحيح أنّ كلاً من “فيسبوك” و”إنستغرام” و”غوغل” أعلن منع أي إعلانات تعرض منتجات تتكسّب من الجائحة، فإنّ الإعلانات تملأ الأثير العنكبوتي، لكن من دون ذكر كلمة كورونا بشكل مباشر.

وتمتلئ الشبكة العنكبوتية بالعجائب والطرائف والسخائف بخصوص الكمامة.

في الوقت الذي هبّت كتائب إلكترونية للسخرية ورفض قرار بعض الحكومات في المنطقة العربية إلزام المواطنين ارتداء الكمامات في الأماكن العامة، تحت ذريعة الفقر وعدم جدوى الكمامات، سارعت ذات الكتائب إلى احترام قرارات ارتداء الكمامات في الدول التي يقيمون فيها، باعتبار قرار الإلزام “عين العقل”.

وبعين العقيل،  إنه في زمن فرض الكمامات تطل أفكار الجرائم الإبداعية المستفيدة من أجواء التمويه المقدّمة لها على طبق من فضة، إن لم يكن اليوم فغداً. جرائم سطو مسلحة عديدة شهدتها دول عدة في العالم خلال شهري أبريل وماي الماضيين، والعنصر المشترك فيها هي الكمامات. ولأن ارتداء الكمامة في الأماكن العامة صار أمراً مستساغاً، سواء عن قناعة شخصية للوقاية أو إجبار قانوني للوقاية، فقد رأى خارجون عن القانون في تمويه هُوياتهم فرصة ذهبية للقيام بعملية أو اثنتين. أكثر العمليات المنتفعة من تعميم الكمامات هي جرائم السطو والسرقة والنشل، وهو ما يجعلها مرشحة للتصاعد في زمن اعتياد الكمامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock