سياسية

أحمد الريسوني يبارك لطالبان ويُشيْطِن قيس سعيد 1/2

ليس جديدا على د. أحمد الريسوني، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أن يأتي الموقف ونقيضه، ويغيّر آراءه كما يغير جلبابه تبعا لما تستدعيه مصلحة تيار الإسلام السياسي دون مراعاة أو استحضار مصلحة الشعوب. وما الشعوب بالنسبة لهذا التيار سوى مخلوقات لا تملك الحق في الاختيار أو التشريع، وإنما هي مأمورة بالطاعة والانقياد ولا تنبت في تربتها قيم الديمقراطية والمساواة. لهذا لم تكن النظم الديمقراطية مطلبا للحركات الإسلامية، بقدر ما ظل نظام الخلافة وحكم الشريعة هو محرك وهدف هذه الحركات. فحين تعلق الأمر بإصدار موقف من سيطرة حركة طالبان عسكريا على السلطة والدولة والشعب في أفغانستان، عبر الريسوني عن رأيه /موقفه المؤيد للحركة والداعم لها دون تحفظ أو انتقاد لطريقتها الدموية في السطو على السلطة.

بل، ولأجل إعطاء رأيه بُعدا مؤسساتيا، تماهى فيه مع الهيئة التي يرأسها حتى يكون موقفهما واحدا كالتالي (وبصفة عامة فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مستبشر ومرتاح إلى التغيرات الأخيرة التي حصلت في الأيام والأسابيع الأخيرة في أفغانستان، وفي طول البلاد وعرضها وخاصة ما وقع في اليومين الأخيرين في العاصمة الأفغانية كابل.

الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مستبشر ومتفائل ويهنئ الشعب الافغاني ويهنئ قيادته وخاصة في حركة طالبان على هذه الخطوات وعلى هذه المرحلة الجديدة التي بدأت أو تبدأ أو تتشكل الآن في أفغانستان). لم يناقش الريسوني طريقة وصول طلبان إلى السلطة ولا اشترط الشورى أو الديمقراطية أو احترام إرادة الشعب الأفغاني، وهي الشروط التي شدد عليها في مواقفه وآرائه السابقة، سواء تعلق الأمر بسيطرة داعش على أجزاء من العراق وسوريا وإقامة “دولة الخلافة”، أو قرار الرئيس التونسي قيس سعيّد تعطيل البرلمان وحل الحكومة.

ففي مقالة له بموقع الجزيرة تحت عنوان “إمامة المتغلب بين الشرع والتاريخ” بتاريخ 20 مارس 2014، شدد الإنكار على داعش لاستعمالها القتل وسيلة للوصول إلى السلطة كالتالي (أعني أن الإسلام لم ينص على مشروعية هذه الطريقة في تولي الحكم، ولا هو أرشد إليها ولا أقر وقوعها ولو في نازلة واحدة، فلا نجد شيئا من هذا لا في القرآن الكريم، ولا في السنة الشريفة، ولا في سنة الخلفاء الراشدين). موقف من المفروض أن يكون قناعة نابعة من وجوب الامتثال لما ورد في القرآن الكريم والسنة الشريفة ، لكن الفقيه الريسوني، وبحكم الانتماء إلى تيار الإسلام السياسي، جعل الإيديولوجية مرجعية تسمو على الشريعة والسنة، فسارع إلى التعبير باسمه وباسم الاتحاد في رسالة “إلى الشعب الأفغاني وقادته” عن الفرح والتأييد للسيطرة المسلحة لحركة طالبان على السلطة والدولة في أفغانستان (وبصفة عامة فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مستبشر ومرتاح إلى التغيرات الأخيرة التي حصلت في الأيام والأسابيع الأخيرة في أفغانستان، وفي طول البلاد وعرضها وخاصة ما وقع في اليومين الأخيرين في العاصمة الأفغانية كابل.

الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مستبشر ومتفائل ويهنئ الشعب الأفغاني ويهنئ قيادته وخاصة في حركة طالبان على هذه الخطوات وعلى هذه المرحلة الجديدة التي بدأت أو تبدأ أو تتشكل الآن في أفغانستان). لقد تغاضى الريسوني عن جرائم طالبان، قبل السيطرة على السلطة وبعهدها. فما يهمّه والاتحاد الذي يرأسه هو أن يرى “شريعة الله” تطبقها طالبان على شعب أفغانستان لدرجة صارت عنده وعند اتحاده شريعة طالبان هي شريعة الله. وبات نظام طالبان تجسيدا لأحكام الشريعة في إدارة الدولة وحكم الشعب. إن حركة طالبان ليست بالحركة المدنية السلمية التي تؤمن بالدولة المدنية وبالتداول السلمي على السلطة وبحقوق الإنسان في بعدها الكوني وباعتماد الآلية الديمقراطية في إدارة الدولة وتدبير الشأن العام. فمنذ التصريح الأول لمسؤولي طالبان بعد دخولهم القصر الرئاسي صرحوا أنهم سيحظرون الأحزاب ويلغون الدولة المدنية ويقيمون دولة دينية لا مجال فيها للديمقراطية. هكذا صرح المتحدث باسم الحركة، وحيد الله الهاشمي، بأن “أفغانستان ستحكم وفق قوانين الإسلام، ولن تحكم وفق النظم الديمقراطية ” وأن “النظام الديمقراطي لا علاقة له ببلدنا… لن نناقش نوع النظام السياسي الذي ينبغي تطبيقه في أفغانستان، لأن الإجابة واضحة بالفعل. قانون الشريعة الإسلامية فقط، وهذا كل شيء”. قرار سمعه الريسوني وفهم أبعاده وباركه وانتصر إليه. وتجربة طالبان في الحكم قبل 2001 وكذا خلال معاركها ضد حكومة كرازاي وإلى حين السيطرة على العاصمة بعد انسحاب القوات الأمريكية، تثبت أنها حركة دموية لا تقل همجية عن تنظيم داعش الإرهابي.

فالحركة التي لم يسلم من بطشها “تمثال بودا” الحجري لن يسلم منه الشعب الأفغاني. إن القتل في عقيدة التنظيمات المتطرفة، ومنها طالبان، عبادة تقرّب القاتل إلى الله فينال رضاه. لهذا أمعنت طالبان في قتل الأفغانيين أمنيين وعسكريين ومدنيين ومعارضين لحكمها. لقد قتلت عشرات الآلاف من الأفغان.

ففي عام 2019، صرح الرئيس الأفغاني أشرف غني بأن أكثر من 45 ألف جندي من قوات الأمن الأفغاني قتلوا في الحرب مع طالبان، منذ أن وصل لسدة الحكم في 2014. كما كشف بحث لجامعة براون في 2019، عن عدد من قتلوا في صفوف الجيش والشرطة الأفغانية تجاوز 64 ألفا و100 شخص، منذ بدء الحرب في أكتوبر عام 2001. فطالبان لم تتخل عن همجيتها رغم “التطمينات” التي قدمتها للمنتظم الدولي، لدرجة أن رئيسة “منظمة العفو الدولية” أغنيس كالامارد، حذرت من أنّ وحشية عمليات القتل كانت “تذكيراً بالسجل السابق لـ”طالبان”، ومؤشراً مروعاً إلى ما قد يجلبه حكم الحركة”. كما كشفت “منظمة العفو الدولية” أنّ مقاتلي “طالبان” عذّبوا وقتلوا أفراداً من أقلية عرقية في أفغانستان بعد اجتياح قريتهم. وتداول عناصر طالبان أنفسهم فيديوهات وهم إما يضربون الفنان الأفغاني فؤاد الأندارابي داخل السيارة قبل قتله، أو يعلقون شخصين على قائمة مرمى ملعب لكرة القدم قبل إعدامهما شنقا مرفوقا بإطلاق الرصاص على جثتيهما.

يتبع …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock