مدارات

ازدواجية القانون الدولي: احتلال فلسطين وتدمير العراق والدفاع عن أوكرانيا

مند نشأة الأمم المتحدة سنة 1948 ظلت الولايات المتحدة الأمريكية تسيطر على هذه المنظمة وتتحكم في قراراتها فأصيبت بالفشل في الوصول الى حلول جذرية للقضايا الساخنة التي وضعت العالم على شفا حفرة من اندلاع حرب عالمية ثالثة دون أن تستطيع ممارسة أي دور فيها و ظلت أمريكا تهيمن على العالم بأكمله وتتدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة ذات السيادة للحفاظ على مصالحها الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية وأمريكا التي تتهم روسيا بالتهديد باستعمال الأسلحة النووية هي التي استعملت القنبلة النووية ضد ناغازاكي اليابانية سنة 1945 التي قتلت 74 ألف شخص بعد ثلاثة أيام من الهجوم بواسطة السلاح النووي الفتاك ودمرت مدينة هيروشيما بكاملها وأسفر ذلك العدوان عن مقتل 140 ألف شخص.

أمريكا أجرت أكثر من 1000 تجربة نووية

ورغم خطورة السلاح النووي والنداءات الدولية لحظر هذه الأسلحة، لم توقع أمريكا وإسرائيل على معاهدة حظر السلاح النووي، وأمريكا هي أول دولة طورت أسلحتها النووية وأنظمة إيصال الأسلحة بعيدة المدى وأجرت أكثر من 1000 تجربة نووية وأنفقت أكثر من 8.75 تريليون دولار لتطوير الأسلحة النووية، وأمريكا متزعمة الدفاع عن سيادة أوكرانيا وحماية أراضيها هي التي استعملت العنف و دمرت دولا عديدة عن طريق التدخل العسكري في كوبا وغواتيمالا والدومينكان و كمبوديا والعراق وأفغانستان وليبيا والصومال ورووندا وهايتي ودولا أخرى ذات سيادة.

تدخل عسكري أمريكي في العراق دون تفويض أممي

وكان التدخل العسكري في العراق بتأييد من بعض الدول العربية الخليجية التابعة لأمريكا دون تفويض من مجلس الأمن خلافا للمادة 7 من الميثاق التي تسمح باتخاذ تدابير زجرية في الوقت الذي أعرب فيه الرئيس الروسي فلادمير بوتين عن رفضه المطلق لهذا التدخل العسكري وانتهكت أمريكا سيادة العراق ودمرت اقتصاده وبنياته التحتية تحت غطاء امتلاك أسلحة نووية حيث تبين فيما بعد أنها كذبة اختلقتها أمريكا غطاء للتدخل الهمجي الذي أدى الى خسائر بشرية قدرت بمليون قتيل ومصاب و ملايين المشردين وأمريكا متزعمة الديمقراطية و حقوق الانسان في العالم هي التي ارتكبت أبشع جريمة قتل في التاريخ عندما نفدت الاعدام ضد الرئيس صدام حسين شنقا في يوم عيد الأضحى تماما كما يحدث في الأفلام الأمريكية ” الكوبوية” عن طريق مهزلة محاكمة صورية بتهم ملفقة لا تتوفر فيها أدنى شروط المحاكمة العادلة هذا مع العلم أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تقبل بسلطة المحكمة الجنائية الدولية على قواتها العسكرية لأنها تعتبر نفسها دولة فوق القانون الدولي الذي لا يطبق سوى على الدول الضعيفة حسب المفهوم الأمريكي.

وكان المقصود من إعدام صدام حسين هو استفزاز العرب والمسلمين وتركيعهم واحتقارهم وإذلالهم في عقر ديارهم، فأدى ذلك التدخل العسكري الوحشي الى انهيار الدولة العراقية بأكملها وانزلاق البلاد في عنف طائفي بلغ ذروته، كان هذا التدخل العسكري العنيف يهدف الى محافظة الدول الكبرى الاستعمارية وعلى رأسها أمريكا على مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية في منطقة الخليج.

وأمريكا التي تتهم روسيا اليوم بالتهديد باستعمال السلاح النووي هي التي أنتجت 70000 رأ نوويا منذ سنة 1945 استعدادا لهحوم نووي محتمل.

الناتو: تاريخ من الجرائم ضد الإنسانية

وللتذكير، فإن قوات حلف شمال الأطلسي بقيادة أمريكا أثناء الحرب العالمية الثانية استخدمت القصف الجوي على المدن والمدنيين ذهب ضحيته أكثر من مليونين ونصف قتيل، 800 قتيل في برلين وحدها وارتكبت أمريكا مجازر رهيبة ضد الانسانية وجرائم حرب بشعة وقتل الأسرى في ألمانيا واليابان ولم يتم التحقيق فيها إلى يومنا هذا وقد أكدتها دراسات مثل كتاب معركة “نورماندي دي- داي”؛ وكانت أمريكا تنظر الى أسرى الحرب على أنهم غير آدميين وبلغت جرائم الحرب التي ارتكبتها أمريكا والموثقة لدى البنتاغون من ضمنها مجزرة “ماي ماي” في الفيتنام الجنوبية بلغ عدد القتلى فيها 504347 مدني أغلبهم من النساء والأطفال الأبرياء حيث استخدمت أمريكا السلاح النووي والرش الكيماوي البرتقالي والأزرق والأخضر لتدمير وحرق واتلاف البشر والحقول والقرى.

وتعتبر قضية فلسطين المحتلة من أشهر وأبرز القضايا التي لعبت فيها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية متزعمة حقوق الانسان في العالم دورا شيطانيا خبيثا اذ نصرت الباطل على الحق فساهمت بذلك في اقتلاع شعب بأكمله من أرضه ربما لأول مرة في التاريخ الحديث ليحل محله عصابات صهيونية غرباء تهافتوا على أرض فلسطين من جميع أنحاء العالم امتثالا لدعوة الحركة الصهيونية العنصرية التوسعية بزعامة مؤسسها ” تيودور هرتزل ” النمساوي الجنسية من أصل يهودي الذي يعتبر المهندس والأب الروحي التاريخي للصهيونية السياسية الحديثة الذي شجع يهود العالم على الهجرة الى فلسطين والتخطيط لما يسمى بالهجرة المعاكسة أي تهجير الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين الى خارج فلسطين.

احتلال فلسطين

وبميلاد الأمم المتحدة عام 1948 احتل الصهاينة القدس العربي وأجزاء كبيرة من فلسطين بدعوى حق مزعوم لليهود فيها وبعثت الجمعية العامة للأمم المتحدة لجنة خاصة لاستطلاع رأي السكان لتقدير الموقف.

وبضغط من أمريكا والصهيونية العالمية وضعت ما يسمى بخطة أكثرية بتقسيم فلسطين الى دولة عربية ودولة يهودية و تدويل مدينة القدس ورغم ادانة اسرائيل عشرات المرات في مجلس الأمن وألاف المرات في لجان الهدنة بسبب أعمال العدوان المستمر ضد الشعب الفلسطيني عجزت الأمم المتحدة عن تخطي مرحلة اللوم والانذار والتهديد الكلامي الى فرض العقوبات الواردة في الميثلق لقمع الاحتلال بل عجزت الأمم متحدة عن ادانة العدوان الاسرائيلي سنة 1967 الذي افتخرت واحتفلت به اسرائيل امام الأمم المتحدة و ظل الفلسطينيون يقاومون لوحدهم قوات الاحتلال الصهيوني الى يومنا هذا واستولى الكيان الصهيوني على نحو 78 في المائة من أرض فلسطين التاريخية متجاوزا بذلك ما نص عليه قرار التقسيم رقم 181 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947 علاوة على اقتلاع وتهجير سكان الأرض الأصليين حيث غادر فلسطين أثناء الحرب وبعدها زهاء 940 ألف لاجئ فلسطيني وترتب عن ذلك صدور القرار رقم 194 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة. ولا ننسى أن الدول الغربية التي أصدرت اعلان حقوق الإنسان والمواطن عام 1789 هي التي احتلت مصر بقيادة نابليون وقسموا الوطن العربي إلى دويلات مصطنعة صغيرة لإضعاف القدرات العربية لتسهيل عملية نهب و سرقة خيراتها ولا ننسى كذلك أن هيئة الأمم المتحدة التي أصدرت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 اعترفت بدولة (إسرائيل) وأنكرت حق الشعب الفلسطيني في الوجود فأصبح مشردا مطرودا من أرضه بلا وطن ولا هوية،

أوكرانيا كانت جزء من الاتحاد السوفياتي

وأمريكا التي تتزعم اليوم، الدفاع عن أوكرانيا التي كانت حقيقة جزء من الاتحاد السوفياتي، هي التي اعترفت بالكيان الصهيوني 5 دقائق بعد اعلان قيام اسرائيل في 14 مايو 1948 و كانت سببا في النكبة منتهكة بذلك العرف الدولي بخصوص الاعتراف بالدولة الجديدة وأمريكا التي أزعجها استعمال روسيا لحق الفيتو داخل مجلس الأمن هي التي استعملت هذا الحق عشرات المرات لعرقلة قراراته الصادرة ضد اسرائيل كما ظهر تواطؤ أمريكا مع اسرائيل عندما عارضت في 19 مارس 1948 صدور قرار عن مجلس الأمن يتضمن اتخاذ الاجراءات التنفيذية لضمان حقوق الشعب الفلسطيني ضد سياسة التوسع أثناء حرب 5 يونيو 1967 فأعلنت أمريكا صراحة مساندتها لإسرائيل وأعطتها الضوء الأخضر لكي تبدأ الحرب.

وقال الرئيس الأمريكي كلينتون أمام الكنسيت الاسرائيلي في 27 أكتوبر 1994:” رحلتكم هي رحلتنا و أمريكا الى جانبكم الأن وعلى الدوام” واستطاعت أمريكا الغاء قرار الأمم المتحدة الذي يعتبر الصهيونية معادلة للعنصرية و ظلت أمريكا على الدوام تشجع اسرائيل على المذابح الجماعية و قتل أطفال فلسطين وهدم المنازل وتهجير السكان الأصليين من ديارهم.

روسيا تدافع عن نفسها ضد توسع الناتو

روسيا تدافع اليوم عن نفسها ضد توسع الناتو شرقا حيث انضمت الصين اليها في رفض توسع حلف شمال الأطلسي نحو الشرق في خطوة تدل على المزيد من التقارب بين روسيا والصين في مواجهة ضغط الدول الغربية التي تسعى الى تقويض روسيا وخلق قواعد عسكرية تابعة للناتو على حدودها، فهذا الامتداد والتوسع العسكري الاستراتيجي غير مقبول من أية دولة ذات سيادة كما هو الحال في النزاع  بين اليمن والسعودية والمغرب والجزائر والهند باكستان حول “جامو وكشمير “ونزاع أراضي “التبت” بين الصين والهند و نزاع ” جزر بحر الصين الشرقي” بين الصين و اليابان و نزاع ” جزيرة قبرص” بين تركيا واليونان ونزاع” ترانسدنيستريا ” بين روسيا ومولدوفا ونزاع “مضيق ديكسون” بين أمريكا وكندا والنزاع بين الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا حول جزر”سان خوان” التي سميت بحرب الخنازير لأنها بدأت بإطلاق النار على خنزير ونزاعات أخرى مسلحة عديدة بين الدول حماية للسيادة الوطنية لكل دولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock