مدارات

عبد الحميد جماهري يكتب: لا تجعلوا لينين خادما عند… تبون!

المغرب، هو الذي وضع ملف صحرائه أمام جمعية الأمم المتحدة، كقضية تصفية الاستعمار،عندما كان الاستعمار استعمارا، وكانت إسبانيا، القادمة من وراء البحر، ومن تاريخ التقسيم الدولي للعمل الكولونيالي، وعندما حررها، في منتصف السبعينيات، لم يحررها معه أحد..ولم يكن هناك شعب آخر غير الشعب المغربي في الصحراء، مغاربة الصحراء، وليس شعب.

وبعد أن حررها، أظهرت دول الجوار السوفياتي آنذاك، في عهد بومدين والقذافي، ملامح شعب يراد له أن يعاكس بلاده..

إذن، لقد قرر الشعب المغربي مصيره بتحرير أرضه وجنوبه.

الإسبانيون، عندما أعلن الملك الراحل المسيرة الخضراء، سخروا في البداية، كما صرح نائبهم في الأمم المتحدة أو سفيرهم بالأحرى، فقد رؤوا فيها عبثا، ثم من بعد هددوا بالتدخل المسلح لو قامت…

اليسار اللاوطني، في قضية الصحراء، عليه أن يعود إلى إسبانيا فرانكو، لكي يرى إلى أي حد يشبهها… وإلى أي حد يجعلون لينين خادما عند فرانكو، كما كتب الراحل الصحراوي البهي، محمد باهي رحمه الله،

اليوم بفضلهم، صار لينين خادما عند تبون.

هل هذا الموقف منطقي، من زاوية التراث اليساري الثوري المشترك بيننا ؟

ماذا يعني أن تتم مهاجمة المغرب في قضيته الوطنية مغربا وشعبا ودولة وأرضا، إن لم يعن أن هذا الموقف يجعلك جزمة في رجل جنرال جزائري؟

ماذا يعني أن تجد نفسك جنبا إلى جنب مع شنقريحة، في الدفاع عن تقرير مصير أنت وهو تدركان أنه لم يعد مطروحا في العالم كله؟

يصعب الدفاع عن اليسارية، عندما تكون بلا أرض في قلبك، وفي ذهنك، وعندما تسكن إيديولوجيا مهجورة، وتبيت في العراء المادي والرمزي، لوطنك.إذا أنا شرخت جدارا وطنيا باسم وهم البطولة الأممية، فلست  بطلا..بل لعلي من المتشردين الإنسانيين والفكريين والسياسيين…

الذي يدافع عن بيان اليسار الذي يتحلل فيه من إجماع شعب بكامله،  لا يثور ضد النخب و الأحزاب و الدولة لوحدها، بل يظلم الأرض والتاريخ والمنطق والثورية الحقيقية التي كانت تحاكم النظام من خلال عدم القيام بمهام الدفاع عن الوطن، أليس لهذا السبب كنا نسميها سياسة لا وطنية، لأنها تتنكر للتاريخ ومعارك التحرير ولجيوش التحرير الحقيقية، أمام استعمار حقيقي، وليس بلادا استعادت حقها…

الذين يدافعون عن بيانات الخروج عن هوية شعب الترابية، باسم أن الدولة تعترف بهم في الاتحاد الإفريقي، لا بد من أن نوضح لهم التالي: الاعتراف لا يكون بالانتماء معا إلى منظمة نفسها، وإلا ستكون إيران قد اعترفت بهذا المنطق بدولة إسرائيل، مثلا..

الاعتراف يكون ثنائيا أولا، ويكون بتبادل الهيئات الديبلوماسية..والاعتراف، حتى ولو قامت به الدولة، افتراضا، نعارضه، كما نعارض الاستفتاء وندخل السجن عندما تقبل به الدولة…

من المؤسف حقا ألا يبقى من اليسار الراديكالي الرفيق، والذي قدم أبطالا كثرا في قضايا الدفاع عن الشعب، سوى مفهوم، يراد له أن ينغص على »المخزن« فإذا به يجرح الكيان العميق للأمة كلها.

وليت لينين طبق تقرير المصير في شعوب السوفيات التي تم تركيعها بالحديد والنار والفولاذ.

ليته قدم نموذجا لمن يريد أن يقتفي أثره..

نحن نرى اليوم معنى التحرر، عندما يكون قضية في فلسطين، لا يختلف عليه الشيوعي والغيفاري والليبرالي المتنور والمسيحي في كنيسته والمسلم في مسجده واليهودي المتحرر من الصهيونية في بقاع العالم وبيننا هنا في الأقصى..

نحن نعرف أيضا الانحراف الوطني..

إن الثورية، في عالم يقدم على أفق جديد، تعني التحرر من الأفكار التي لم تعد معالمها قائمة، ولا يمكنها أن تبٍقى قائمة، اللهم إلا إذا كانت معلقة في الهواء.

والديموقراطية بلا وطن، هي ديموقراطية معلقة، لهذا ربما يكون تشرشل الذي قال: بعض الراديكاليين، أقدامهم ثابتة جدا، .. لكن في الهواء.

وهكذا يحدث لمن يطعن وطنه في الظهر..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock