موقف إسباني وسعار جزائري
لم يفاجئني قرار الجزائر استدعاء سفيرها لدى مدريد للتشاور، وهو القرار الذي جاء على خلفية الإعلان التاريخي للحكومة الإسبانية اعتبار المبادرة المغربية للحكم الذاتي بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف المتعلق بالصحراء المغربية.. وبأن هدف البلدين هو بناء علاقة جديدة، تقوم على الشفافية والتواصل الدائم والإحترام المتبادل والاتفاقيات الموقعة بين الطرفين والامتناع عن كل عمل أحادي الجانب وفي مستوى أهمية جميع ما يتقاسمه البلدان ، لأننا نعلم جيدا العدوانية التي يحملها نظام الكابرانات لكل ما هو مغربي والذي لم يعد خافيا على أحد رغم محاولات الديبلوماسية الجزائرية تسويق أن لا علاقة للجزائر بهذا الصراع المفتعل والذي تذكيه على مدار نصف قرن من زمن جزائري عدائي للمغرب ولوحدته الترابية، لا يهمنا هنا موقف النظام الجزائري البائد والذي يغرد خارج الإجماع العربي والدولي، ما يهمنا هنا وفي هذه الظرفية التي نعيشها هو الموقف الإسباني الذي جاء بناء على قناعة تامة بأن مستقبل إسبانيا مع المملكة المغربية وبسيادتها التامة والكاملة على كافة ترابها من خلال التأييد الكامل للمبادرة الملكية للحكم الذاتي، وهو الموقف الذي جاء متوافقا مع مواقف سابقة لدول كبرى كالولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا، الآن أصبح موقف إسبانيا واضحا ولا يحتاج لأي تأويل وستتبعه مواقف دول أخرى، وستبقى جزائر الكابرانات على نفس النهج العدائي وسيسجل نظامها المزيد من الخيبات والهزائم الديبلوماسية، ويزداد معه نزيف الموارد المالية في أمور أدت إلى تفقير أبناء الجزائر وحرمانهم من أبسط حقوق العيش الكريم.
لقد أبانت القيادة الجزائرية بقرارها سحب سفيرها لدى إسبانيا، علاوة على عدائها للمغرب، عن غباء كبير لن يصدر إلا عن نظام هش متهالك تائه أنهكته الضربات والخيبات، نظام لازال يعيش على حلم لم يجن منه سوى الهزائم تحول إلى كابوس واصبح اليوم شوكة في حلقة عسكر الجزائر ، ففي الوقت الذي تسعى فيه دول العالم إلى التكتل والاتحاد من أجل مواجهة التحديات التي افرزتها جائحة كورونا عبر تعبئة طاقاتها المادية والبشرية لتأمين أمنها الصحي والغذائي، تستمر الجزائر في دعم جماعة انفصالية إرهابية تَفْرِد لها مساحة من أراضيها وتأمن لقياداتها ما يحتاجونه من السلاح لتنفيذ عمليات إرهابية وكذا عمليات تهريب للمخدرات، وتحتجز في المقابل آلاف الصحراويين وتضرب عليهم حصارا كبيرا في أبشع صور لانتهاك حقوق الإنسان ضدا على كل المواثيق الدولية.
هي إذن انطلاقة جديدة في علاقة إسبانيا والمغرب خارطة طريقها الاحترام المتبادل للدولتين وحماية مصالحهما المشتركة والتأكيد على وحدة المغرب الترابية التي أنهت سنوات من التردد قبل أن يأتي الحسم النهائي بقرار حكيم ويترفع معه سعار جار لم يتخلص للأسف الشديد من ترسبات الماضي رقم الإشارات القوية التي إبان عليها المغرب ملكا وحكومة وشعبا.