مدارات

التعدد الاثني السوداني وأثره في عملية الاندماج الوطني (وجهة نظر استراتيجية)

الضو أحمد – كاتب صحافي من السودان

مقدمة

إن التعددية الأثنية هي السمة التي تميز دولة اليوم حيث برزت هذه الظاهرة الي الوجود ابتداء من تفكك الإمبراطوريات الضخمة التي كانت تشمل شعوبا مختلفة وأمما متفرقة في الأديان واللغات والثقافات إلى وحدات أصغر لم تتطابق فيها الوحدات السياسية مع الواقع الاثني فانقسمت جماعة عرقية واحدة إلى عدة وحدات سياسية وضمت الدولة الواحدة في داخلها جماعات مختلفة اشد الاختلاف واعراق متباينة اشد التباين الي درجة لم تجد معها شعوب بعض هذه الوحدات السياسية اي قواسم مشتركة من لغة او دين او عرق، سوى هذه الرقعة الجغرافية والوحدة السياسية الجديدة التي تجمعها، حيث تتميز قارة أفريقيا كغيرها من القارات بانها الاكثر تعددية من حيث الاثنية في العالم وبما ان السودان احد دول افريقيا فانه يتميز بتعدد اثني كبير داخل حدوده الجغرافية وهو ما اصبح يشكل هاجسا للامن والاستقرار بسبب وجود علاقة ارتباط قوية بين ازمة الاندماج الوطني والواقع الاقتصادي والسياسي وهذا يؤكد ان التعددية الاثنية في حد ذاتها ليس خطرا وإنما تتوقف إيجابياتها على الوعي الجماعي وحسن ادارتها وترجع سلبياتها إلى عدم الوعي في حسن إدارتها وتهميشها وعدم حسن التعامل معها في اعطاء حقوقها السياسية والاقتصادية وهو ما يسبب عدم الامن والاستقرار.

تعريف التعدد الإثني

إن كلمة اثنية هي كلمة يونانية الاصل  استخدمت كمصطلح سياسي مستحدث بدلا من كلمة قبيلة او عرق او اقلية وذلك لان مفهوم الاثنية اشمل في معناه الذي يعني الشعور بالترابط  بين مجموعة من الناس ينتمون الي اصل وتاريخ مشترك وتجمعهم خصائص ثقافية مكتسبة وتميزهم عن المجموعات الأخرى.

كذلك هو ظاهرة متعددة الابعاد ثقافية اجتماعية او سياسية او اقتصادية.

هذه الاثنيات السودانية تتكون من عدة قبائل وفروع فيما بينها والسمة المميزة لهذه الاثنيات انها متداخلها فيما بينها بسبب التداخل والتعارف والتواصل والتزاوج مما جعلني اطلق عليها مصطلح اثنيات لان في معني الاثنية وجود الصفات الثقافية والاقتصادية والسياسية المشتركة بين هذه المجموعات التي اكتسبتها عن طريق التداخل مما يجعلها ابعد من وصفها بالمجموعات العرقية التي تكون من اصل واحد في السلالة والنسب حيث التداخل الذي جعل السمة الغالبة لهذه القبائل في التوحد في صفات مشتركة من حيث اللغة والدين والثقافة والاقتصاد والسياسة مع القليل لبعص الاثنيات في تواجدها في مناطق جغرافية معينة بكثافة تمارس ثقافات ولهجات تخصها .

الناظر إلى تاريخ الدولة السودانية منذ استقلالها الي الان ان هذا التعدد كان له الأثر السلبي في عدم الامن والاستقرار رغم تجانس وتداخل وترابط كبير جدا فيما بين اثنياته المختلفة التي تتفرع إلى قبائل، ولكن ما زال المجتمع أقرب في تصرفاته وتعاملاته الي المعني القبلي الذي يعني انه ينتمي في الغالب الي نسب واحد وذلك بسبب سوء ادارة الحكومات المتعاقبة علي الحكم سواء كانت المدنية أو العسكرية والعمل علي عدم ادارة هذا التعدد والاستفادة منه في عملية البناء الوطني كذلك التسبب في النعرات العرقية فيما بين الاثنيات داخل الاقليم الواحد لاثارة المشاكل لتحقيق الاجندة السياسية التمييز علي اساس الدين مثل ما حدث في جنوب السودان مما ادى إلى انفصاله، التمييز علي اساس اللغة واللون لاثارة الفتن، اتباع سياسة فرق تسد بين الاثنبات داخل الاقليم الواحد مما ادي الي الصراع كذلك العمل علي عدم حل المشاكل بين هذه المجموعات المتمثلة في المراعي بين المزارعين والرعية او مشاكل الاعتداءات من مجموعة  علي حقوق وممتلكات مجموعة اخري ليست من جنسها،  العمل علي التهميش المتعمد في عدم تقديم الخدمات مثل الصحة والتعليم عدم التمثيل الفعلي في السلطة وعدم التوزيع العادل للثروة مما انتج الحركات المسلحة المعارضة للحكومة   العمل علي تفشي العنصرية بالتمييز او خلق الفتن والاساءة بين هذه المجموعات .

رغم تداخل الاثنيات السودانية مع بعضها البعض نجدها هشة جدا مثال ذلك الاحداث التي حصلت بعد التغيير الثوري ويرجع للأسباب التي ذكرتها انفا مع غياب الوعي التام للمجتمعات فيما بينها

كل هذه الاسباب كان لها الاثر السلبي في عدم ادارة التعدد الاثني الذي ساعد علي عدم الاندماج الوطني في كتلة واحدة رغم تباين المجموعات فيما بينها .

ان عملية الاندماج الوطني ذات اهمية بالغة في تماسك الدولة وترابطها وتجانس سكانها مع بعضهم البعض حيث تجعل الدولة قوية اجتماعيا دون مشاكل اثنية داخليا وقوية سياسيا في نظامها الداخلي بالتعايش السلمي وممارسة العملية السياسية وقوية مع محيطها الاقليمي في التعاون في كل المجالات وقوية ضد اي تدخلات خارجية تعمل علي اثارة المشاكل وزعزعة الامن وقوية اقتصاديا في وحدة شعبها الذي يعمل علي مساعدة حكومته في النهوض ببلده للمضي قدما نحو الافضل حيث ان الاستقلال الامثل للتعدد الاثني في عملية الاندماج الوطني يكون حسب  الآتي:

حسن ادارة التعدد بالتداخل والتمازج والعمل علي نبذ العنصرية والفرقة والشتات وان الوطن ملك للجميع ليس حكرا لاحد عدم استخدام المجتمع في الاعمال الحزبية واستخدامه لأجندة واغراض سياسية العمل علي حل مشاكل المجتمعات فيما بينها المتمثلة في الرعي والزراعة وذلك بالطرق العرفية والقانونية والعمل علي تنفيذها والزامها حتي لا تعود مرة اخري اشراك المجتمعات في السلطة التمثيل السياسي من قبل الحكومة والتوزيع العادل للثروة، الشعور والاحساس بالهوية الوطنية دون انا عربي او افريقي زنجي،  العمل علي ابقاء الجماعات الاثنية ضمن اطار الوحدة الوطنية الشاملة التي تضم عموم الجماعة الوطنية القيام بالعملية التوعوية من قبل الدولة ومنظمات المجتمع المدني وحث المجتمع علي الوحدة والترابط فيما بينه حتي المضي قدما عن طريق الاندماج الوطني للنهوض بالدولة السودانية لان الوعي اهم من العلم لان العلم شرطه الوعي حيث تجد الكثير من المتعلمين الا ان القبلية والعرقية تسيطر عليه لعدم وعيه وادراكه كذلك تخطي اطر الجماعات العرقية والقبلية الي بناء مؤسسات واطر وطنية شاملة،  الحكم بالنظام الفيدرالي الذي يجعل الاقاليم داخل الدولة في حكم ادارة نفسها في وضع التشريعات والقوانين التي تناسبها مع ضمان التمثيل العادل لسكانها واقتسام السلطة مما يساعد علي عملية والامن الاستقرار والتنمية داخل الدولة دون الشعور بالظلم او التهميش عند قيام الدولة بتطبيق هذه الاجراءات فانه بلا شك يساعد علي عملية الاندماج الوطني الذي يجعلها في امن واستقرار داخلي بين مكوناتها الاثنية  وتعمل بثبات نحو الامام دون اي مشاكل تواجهها في المستقبل من ناحية التعدد الاثني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock