وجهة نظر

المغرب الأطلسي والعمق الإفريقي الداخلة – دكار

ففي الوقت الذي تتبنى الجزائر وتركز على هذه المعارك، المغرب كان قد أقبر كل أوراق الضغط القضائي عليه وللأبد، فالموقف المغربي صار أقوى من ما كان عليه، مما جعله يعزز من بسط سيادته المطلقة على البر والبحر  والجو.

إبراهيم أفروخ

قيام السلطات الموريتانية بمضاعفة الضرائب على السلع المغربية التي تُنقل عبر معبر الكركرات الحدودي، جاء مباشرة بعد ترأس الرئيسان الجزائري عبد المجيد تبون والموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني حفل تدشين معبر تندوف – الزويرات، لترتفع الرسومات الجمركية فعليا على السلع المغربية إلى 171 في المئة بدون سابق إعلان وفوق ما كانت عليه، في إطار خطة تستهدف القضاء على معبر الكركرات المغربي. ليست المرة الأولى التي يتم فيها استهداف المعبر المغربي الكرارات؛ لقد سبق للقوات المسلحة الملكية أن أفشلت مخططا مشابها للنظام الجزائري نفذته مليشيات انفصالية عندما قطعت معبر الكركرات بتاريخ 21 أكتوبر 2021، مما استدعى تدخل ميداني احترافي لفرقة من المشاة وأخرى للهندسة تابعين للجيش المغربي أمّنو المعبر وارجعوا له الروح في عملية عسكرية ناجحة نفذت يوم 13 من نونبر لسنة 2020.

ميناء الداخلة سُلم الدّولة الصاعدة

خبراء في السياسات الدّولية ومُتخصّصون في الشؤون المغاربية يعرفون أن المملكة المغربية لا تبنى إستراتجياتها العامة على هذا المعبر، فالسياسة التي يتبعها المغرب تفوق ذلك بكثير خصوصا وأنها تركز على اقتصادها في تنويع وتقوية توجهاتها ذات الأبعاد الإستراتيجية. فالمملكة لا تخفى عليها مناورات الخصوم بمحيطها الإقليمي والدولي وكانت دائما تفطن لهذه الأمور وتضعها بالحسبان، بل هناك حس استباقي لجميع الاحتمالات.

الواجهة الأطلسية وترسيم الحدود البحرية

فليس صدفة أن يخوض المغرب معركة ترسيم الحدود البحرية مع إسبانيا سنة 2019، لتشمل المياه البحرية من حدود السعيدية إلى شواطئ لكويرة بالصحراء المغربية، وليس صدفة أيضا استرجاع السيادة على أجواء الصحراء من إدارة إسبانيا.

الداخلة الأطلسي يحسم حرب المعابر لصالح الرباط

الكل يعلم أن المغرب كان ولازال يسعى الى موريتانيا آمنة وقوية، عكس الجزائر التي تريد موريتانيا ذات نظام سياسي هش وضعيف لإخضاعه وجعله تابع وإغرائه بمعبر بري من تمويل جزائرية كامل.

إن قيام المغرب بترسيم حدوده البحرية مع إسبانيا سنة 2019، أهم بكثير من الاهتمام بمعبر تندوف – الزويرات، حتى أن المغرب لم يبدي أي ملاحظة على قيام السلطات الموريتانية برفع الرسوم الجمركية على الشاحنات والسلع المغربية في نفس الوقت الذي أُعلن فيه عن تحرير التبادل التجاري بمعبر تندوف – الزويرات وبدون رسوم جمركية.

فقدان البوليساريو للشرعية ينهي ورقة المحاكم ضد مصالح المملكة

المغرب كان يعلم أن المعارك القضائية التي كانت تدار في المحاكم الأروبية ضده، لم تكن سوى وسيلة للابتزاز ولي ذراع، وكان مجبرا على التعامل مع ذلك وبالشكل المناسب، وقد استفاد من الحجز الذي تعرضت له سفينة الفوسفاط التي تم بيعها في المزاد العلني بأحد محاكم جنوب إفريقيا شهر مارس سنة 2018 لصالح جبهة البوليساريو بإعتبارها الطرف القانوني الذي وضع مذكرة مسبقة لدى هذه المصالح القضائية كما هو الحال لمصالح بعض الدول التي تميل وتعترف بالجبهة ولها مصالح مع النظام الجزائري، إنه الدرس الذي جعل الرباط تتعامل معه بشكل جذري من خلال نزع صفة الممثل الوحيد للشعب الصحراوي عن جماعة تندوف، وتعريتهم من هذا الوصف من خلال توسيع الوفد المغربي ليشمل رؤساء جهتي العيون الساقية الحمراء التي يرأسها حمدي ولد الرشيد و جهة الداخلة واد الذهب التي يرئسها ينجا الخطاط ليشاركا أول مرة بالمفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة بين طرفي النزاع المغرب وجبهة البوليساريو نهاية سنة 2018 العاصمة السويسرية جنيف، وهنا صفة الممثل الوحيد للشعب الصحراوي لم يعد لها سند قانوني أو موضوعي إذا علمنا أن غالبية الصحراويين ينتخبون ممثلين عنهم بشكل ديمقراطي في انتخابات محلية وبرلمانية يتابعها مراقبون دوليون وبعثة المينورسو في الصحراء هذه الانتخابات التي تعرف نسبة مشاركة قوية تفوق 80 في المئة بالأقاليم الصحراوية خلافا للطرف الأخر الذي يرفض إحصاء ساكنة المخيمات ويحتجزهم غرب الجزائر بشكل غير إنساني وفي ظروف قاسية جدا بأماكن لا تتوفر على أبسط شروط الحياة الكريمة وتنصب الجزائر على رقابهم قيادة عسكرية مدججة بالقوة والسلاح.

ملف الصحراء والجزائر الخاسر الأكبر

إن أكبر خاسرين في ملف الصحراء هو النظام الجزائري، الذي تعرض مؤخرا لخسارة كبيرة نهاية شهر مارس الماضي عندما راهن على إفشال الاتفاقية البحرية والفلاحية للمغرب مع الإتحاد الأوروبي ليكتشف أن جبهة البوليساريو لم تعد تمتلك الشرعية لاستعمالها كورقة ضغط في هذه المعارك.

معركة هذا النظام كان يراهن عليها بشكل كبير وخصص لها أموال ضخمة وامتيازاته عالية جعلت المدعية العامة للمحكمة الأوروبية مؤخرا تضع استنتاجات حول الاتفاقية البحرية والفلاحية بين المملكة والإتحاد الأوروبي.

إن المعارك القضائية التي تقودها الجزائر ضد المغرب تعود إلى تاريخ سنة 2012، منذ ذلك التاريخ والجزائر تتكبد المزيد من الخسائر وتهدر الكثير من السنوات.

ففي الوقت الذي تتبنى الجزائر وتركز على هذه المعارك، المغرب كان قد أقبر كل أوراق الضغط القضائي عليه وللأبد، فالموقف المغربي صار أقوى من ما كان عليه، مما جعله يعزز من بسط سيادته المطلقة على البر والبحر  والجو.

المغرب الإفريقي.. الداخلة – دكار والتراجع الموريتاني

إن مراجعة موريتانيا لموقفها بالتراجع عن مضايقة السلع المغربية من خلال تحديد ثلاثة أشهر كسقف زمني للضرائب المضاعفة على الشاحنات والسلع المغربية، والانسحاب في أخر لحظة من التحالف المغاربي الذي أعدته الجزائر بعضوية تونس والمجلس الليبي تمهيدا لدخول ما يسمى بالجمهورية الوهمية، يأتي بعد فهم قوة ميناء الداخلة الأطلسي وأهميته الإستراتيجية والاقتصادية تجاوزها نحو السنيغال وهذا ما جعلها تتراجع بشكل مفاجئ وتسابق الزمن لتعرب عن حاجتها للدخول في مثل هذه الشركات الاقتصادية القوية والناجحة، ورفض أي مغامر غير محسوبة مع نظام محدود يتلقى ضرربات متتالية أخرها الضربات الإستراتيجية التي تعرض لها مؤخرا من دولة مالي التي أعلنت له عن رفضها أي تدخل منه أو ما شابه في شؤونها الداخلية نفس الشيء بالنسبة لجمهورية النيجر التي أبلغت السلطات الجزائرية عن رفضها تدخل النظام الجزائري في شؤونها الداخلية.

الداخلة عاصمة الواجهة الأطلسية والمغرب الإفريقي    

للحديث عن خيبة أمل أعداء المغرب وعلى رأسهم النظام الجزائري الذي فشلوا في عرقلة واعتراض دخول بعض الدول الإفريقية إلى تحالف الدول المطلة على الأطلسي الذي أعلنه جلالة الملك محمد السادس نونبر الماضي والذي يظم  22 دولة إفريقية كلها تثق في المملكة المغربية وتؤمن بالمشاركة معها في النماء الاجتماعي والازدهار الاقتصادي والأمن الدولي الاستقرار السياسي والتطور الاقتصادي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock