مدارات

النهوض الديني- القومي ومَثِيله الحداثي الغربي

عندما بدأ رجال الدين النهضويون المسلمون في القرن التاسع عشر كفاحهم المُبجّل ضد السيطرة الأجنبية وضد التخلف المُزمن، جعل كثير منهم الدين أساسا لعملهم السياسي، ومنذ ذاك الحين(وللأسف) وُضِع الأساس الحديث لمشكلاتنا الراهنة.

لربما كانت شعارات النهضة ومقاومة الاستبداد والدعوة للحكم الليبرالي…كانت خطوات إيجابية في سبيل النهوض العام لـ”الأمة العربية”؟ ولكن بقيت الشعارات الدينية- النهضوية غير مُدركة لطبيعة الجسم السياسي الديني المحافظ الكبير، التي راحت تستثير نشاطه، ليُغرقها في النهاية بشبكيته الطائفية الواسعة ، وبجذوره الممتدة قرونا مديدة.

الغريب، أن هذه الأفكار الحالمة، لم تكن على دراية (أو هكذا بدا) بحجم التركيبة الاجتماعية – السياسية والفكرية المحافظة، والتي هي في الظروف الحالية الحاضنة لها، تستعيد سطوتها على الحياة العربية (الغارقة في الظلام الآن) عبر تغذية القوى الاستعمارية لها( في سوريا، العراق، اليمن، السودان ثم ليبيا.. الخ) والتي وجدت فيها أرضية أساسية لتفتيت “الأمة العربية'”)، بل والتي تم تفتيتها سياسيا وإداريا، وغُديت تنوعاتها الاقطاعية والعشائرية والمذهبية والمناطقية أيضا، بل وتم ربط اقتصادها المنتج للمواد الخام بالدول المسيطرة (=أمريكا بالأساس) ، وهمشت قواها الاقتصادية والثقافية- التصنيعية

رفضت قوى علمانية تنويرية صغيرة مسار الإنبعاث الديني القومي المتضافر، طارحة استيراد النموذج الحداثي الغربي ، ولكن ظلت طاقاتها العقلية الهامة والمفيدة، معتمدة على تشكيل الإنتاج الثقافي، غير المترابط (أو المتطابق) مع الوعي السياسي المطلوب وإنتاج ممارسته المُطابقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock