في دائرة الضوء

عبد اللطيف قنيني: قد يكون أمر السياسة شيئا مغايرا لما نراه

ابتليت السياسة عندنا في السنوات الأخيرة بنماذج من المتدخلين بالغوا القول فيها حتى أفسدوا أسباب نزولها وزاغوا بها عن مقاصد وجودها. هي تعيش الآن بيننا أقسى أشكال الالتباس والعبث حتى. فبعدما كانت المحرك الأساس للنقاش العمومي والسبيل الأسمى المتميز للتداول في القضايا الكبرى للوطن والأمة غدت الآن المشجب للبلادة المخيفة والاحتقان الفكري البينة معالمه لكل ذي بصيرة يرفض هذا النوع من الانحدار. كل ذي عقل يرفض شماتة الكلام السخيف واستقالة الضمير لما جرى ويجري في هذا الحقل الذي لم يعد يتحمل أكثر مما قيل من ثقل العدمية المفرطة واليأس المقلق المشاع علانية للإحباط المطلق.

وإذن، فلا مناص أن ننصاع بدورنا إلى هذا الفضاء من السوداوية للرد على العدم “بعدم” عله يستفز ما حدا بنا من هول الوقائع الملمة بيومنا. ولا بد أن ننخرط في سياق ركام آثار اللغط هذا  حتى نميز مكمن العيب فينا لنرقى بخطابنا على هذا المعطى الأليم.

وقد رأينا بأم أعيننا هذه الأيام كيف انحرف مشروع كبير قيل لنا إبان انطلاقته أنه جاء للحد من المد الجارف للإخوان. انحرف وهو يهذي بألا وجود لخطوط حمراء أو زرقاء مع أي كان وأن كل شيء بالتساوي  يعني ويعانق كل شيء. هذا بعد أن كان ساوى بين إمارة المؤمنين  والإسلام السياسي وهو خلط شنيع  يجهل أبعاد  ومرامي الموازاة من هذا القبيل. هكذا تصور وقال وهو خلط في خلط في هراء في فوضى لامعنى الكلام. الفوضى المنتجة للخرافة وقلب حقائق الدلالة المؤسسة للسياسة حيث يصبح فيها بنكيران كأيها الناس… وهو تضليل في تضليل للرأي العام يحجم عن قول الحقيقة الناصعة عن المشروع المسكوت عنه للإسلام السياسي… ويحوز -ويا للعجب- هذا الخطاب على التزكية الرسمية ويكون كلامنا هذا هو الافتراء والتجني بعينيه على التوجه المتقلب الذي  رآه الكل يقلب الكراسي في سوق الدبزة وإغراق السوق بالحافلات بشهادة المنسحبين من شغب الدراري والتعبير الجديد لمفهوم السياسة  من معجم  “اسكت نخلي دار بوك”.

ارحمونا…

وقد كان شباط غادر البلاد فيما قبل مقتفيا آثار أردوغان كما قالوا وهو آت من جديد للحساب. وكان الآخر من صلب الحزب الشيوعي الإسلامي المغربي تكلم في الدولة العميقة فجاءه المخاض إلى جنح التبريرات فقال ثم سكت ثم قال ثم سكت… وهو نفس المصير تقريبا الذي عاينه ذاك الوزير للخارجية الذي قال ما قال عن الحراك في الجزائر ثم ابتلع لسانه ثم توارى عن الأنظار… كما توارى المتمرد الآخر عن الجهة في طنجة ليعانق القنديل عجلات التراكتور في إخراج هزيل ومشهد سريالي عقيم… ويا أيتها السياسة…

والمدار الآن يدور عن الفظ الغليظ الذي انفض القوم من حوله فوجب أن يغادر كما غادر الأولون وإلا قد تكون العاقبة في غير صالحه… وحديث آخر يدور يتعلق بابنة الوزير التي توسطت “لحمزة مون بيبي ” كي لا يعانق بدوره السيلون.

ومن حيث لا ندري، خرج لنا من جديد معتوه السياسة ومفتونها ملتفا بالعلم العميق بحال ومآل الإخوان فيقول لنا في أسبوعية هذه “الأيام” التي نداولها بين الناس “أن بنكيران محاصر وأن جهة في الدولة تريد تصفيته”، يا لطيف… هو قال. وكأن هذا المخلوق يريد أن يعيدنا إلى بدء مضى من متاهات أمير الخوارج ليصم آذاننا وأبصارنا عما هو أقوم لذواتنا.

وهي فلسطين تكون أو لا تكون في ميزان خطابنا عن المشرق لنا والمغرب… وخلط الأوراق مما أصابنا من تشبتنا بمقومات كينونتنا في الصحراء كي يتمكن المتربصون بأعطابنا من الهجوم على الوزير الوسيم لإرغامه على العدول عن قوله الحق… وفلسطين في أعيننا والعيون.

والسياسة أمر آخر غير هذا الذي نراه أمامنا أكيد ونحن نروم إلى ما هو أعلى وأثمن من حساب الانتخابات الصغير جدا مدمرنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock