مدارات

محمد بهجاجي يكتب: من “اليساري” و”الفقيه” إلى “رجل الأعمال”

الامتحان التجريبي، شبهاته ومفارقاته

الذين سعدوا بانهيار حزب العدالة والتنمية سعدوا كذلك بصعود التجمع الوطني للأحرار.

وجه المفارقة أنهم ينسون أن الفائز محاط بشبهات تهم حالة التنافي بين الصفة الحكومية والاستثمار الخاص، وما قيل عن التلاعب بملف الدعم الحكومي لقطاع المحروقات. ولا نحتاج لأحد ليقول لنا اعطوني الدليل فالمعنى بالأمر هو المعني بإعطاء الدليل، أو الاحتكام إلى سلطة القضاء، وإلا كيف نفسر تمسك سياسيين ونواب ومدونين وصحافيين بالاتهام. بل إن قنوات دولية أمس قد أدرجت الشبهة ضمن رسمها لبورتري الفائز.

الوجه الثاني للمفارقة، وهو أن الفائز كان هو هو، المستهدف بقرار المقاطعة الذي أعلنه المغاربة عبر الأنترنيت في أبريل 2018 احتجاجا على ارتفاع الغلاء، وغضبا على شركات البنزين والحليب والماء المعدني. وها هو المقاطع أمس، يحتفي بالانتصار اليوم.

الوجه الثالث للمفارقة تقديمه لوعود انتخابية لو طبقت كل فعلا لانتقلنا إلى مغرب معافى بلا معضلات في قطاعاتنا الحيوية: التشغيل والتعليم والتطبيب… والحال أن الرجل كان أقوى الوزراء في المغرب منذ سنوات، فمن أين استورد تلك العصا السحرية التي ستنقذ بها المغرب العميق الغريق.

من هنا قلقي حين أراني كما لو صرت بلا ذاكرة. أفرح من

أعماق شغاف القلب برحيل العدالة والتنمية. وأفرح، يا للسخرية !، من سخاء الوعود وعسر هضمها واقعيا. وحين نقلت ما يساورني إلى صديق قريب قال:ىلا بأس… المهم أن يختفي وزراء العدالة والتنمية.

المهم ها هم اختفوا. وها المغرب يتحرر من الوهم “الإسلاموي” الذي حجزنا عشر سنوات، وبذلك تندحر تجربة “الفقيه” التي “تجاوزنا” بها، كما يدعي الفقيه نفسه، مخاوف عشرين فبراير، وأهوال ما سمي “الربيع العربي”. ولقد تم ذلك بعد تراجع “اليساري” الذي دخل تجربة الحكومة بنزاهة ونقاء يد، لكن بقسم لا أحد يعلم مضمونه. ولكنه خرج منها بالخروج عن “المنهجية الديمقراطية”.

لسنا عدميين لنقول إن الأمر يتعلق بتوظيف الأحزاب برتبة أوراق “جوتابل” محدودية الاستعمال.

التاريخ سيفسر ما يجري.

المهم.

المغرب في كرنفال التجريب.

بل الأهم هو أن الكتلة المصوتة، وبلا دخول في حيثيات القاسم الانتخابي، ما قبله وما بعده، قد وضعت المغرب دستوريا بين يدي “رجل الأعمال”.

المغرب في حاجة إلى معارضة، أي إلى التوازن، ما يعطي للكرنفال القائم معنى السياسة.

المغرب في حاجة إلى الخروج من التجريب نحو تأصيل ممارسة سياسية أنيقة تحمي ما تحقق من مكاسب تشرف الملك وشعبه والبلاد، وفي حاجة إلى الدخول بنا إلى زمن الديموقراطية بلا تردد أو ارتياب.

الأهم أكثر:

رحل حزب العدالة والتنمية.

شخصيا لا يمكنني القذف على سيارات نقل أموات المسلمين.

قدم الأحرار. لن أشتم المستقبل.

ما هو مؤكد لدي هو أن نبلغ المراد.

فاللهم امنحنا صبر الأولين اقتباسا من الدعوات المباركة لمحمد الماغوط.

مجمل التدوينة:

المغاربة، أو أغلبية المصوتين منهم على الأقل، مسالمون ولا “يحكرون”. يريدون فقط الخلاص و”سلامة الوقت”!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock