العالم

موقف دول الجوار من حرب الجنرالين في السودان!!

حرب الجنرالين مستمرة بكافة أشكالها من العنف والدمار والكوارث الإنسانية في العاصمة الخرطوم والولايات ضمنها الولايات الغربية (كردفان ودارفور)، الان الدولة السودانية تعيش في أزمة إنسانية حقيقية بسبب هذه الحرب الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع (برهان-حميدتي)، منذ مطلع منتصف أبريل 2023 حتى الآن

عمر موسى: كاتب وباحث استراتيجي

تدخل  الحرب في شهرها الثاني بدون اي نجاح للمبادرات الإقليمية والدولية! بل هناك عدد كبير من ضحايا الحرب وهم الشعب السوداني منهم نازحين ومنهم لاجئين ومنهم جرحي ومنهم شهداء!! للأسف ليس هناك إحصائيات حقيقة فيما يتعلق بعدد النازحين واللاجئين والموتي والجرحي.

عندما نتحدث عن الدول المجاورة للدولة السودانية نجد ان هنالك عدة دول وهي (جنوب السودان، اثيوبيا، ليبيا، تشاد، افريقيا الوسطي، إريتريا)، ومن المحتل الحرب في السودان سوف تؤثر تاثيريا سلبيا علي هذه الدول فيما يخص في جانب الأمن القومي وتأمين الحدود وتدفق اللاجئين والاتجار بالبشر وغيرها، وفي نفس الوقت دول الجوار سوف تزيد الطين بلة للحرب الدائر في السودان! في حالة تدخلهم عسكريا للحفاظ علي مصالحهم! علي ما يبدو سيناريو كارثي في تاريخ الدولة السودانية في حال تدخلهم عسكريا، وهذا من اقرب السيناريوهات في حال إمداد فترة الحرب لأكثر من ٦ أشهر او سنة، ومن المعروف ان معظم دول الجوار لديهم مصالحهم في الدولة السودانية مثل مصر وتشاد واثيوبيا وجنوب السودان حيث أن مصر وجنوب السودان من أكثر الدول المتضررة بحرب السودان اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.

علي ما يبدو أن الدولة المصرية التي تتجسد في نظام عبدالفتاح السيسي، من أكثر الدول المجاورة للسودان  تضررا  بهذه الحرب، لان الحكومة المصرية والعسكر في السودان لديهم علاقة وطيدة اقتصاديا وعسكريا، منذ وصول عبدالفتاح السيسي للحكم في مصر، حيث أن هناك علاقات اقتصادية بين النظامين فيما يتعلق بحركة التجارة بين الدولتين ( الاستيراد والتصدير)، لذا مصر تعتمد اعتماد كليا علي المنتجات الغذائية السودانية مثل الصمغ السوداني والفول السوداني والثروة الحيوانية (الماشية) واللحوم الحمراء والفاكهة وغيرها! وفي نفس الوقت التبادل يتم بالعملات المحلية وبعدها مصر يتم تصديرها الي الأسواق العالمية لكي تجلب له عملات صعبة، اما السودان هي المتضرر الوحيد من الحركة التجارية بين الدولتين واكتفي بالادوات الكهربائية والملبوسات! كما نلاحظ أن الدولة المصرية أكثر المتضررين من أحداث السودان اي الحرب في السودان والاقتصاد المصري في خطر بعد تدني العملة المحلية (الجنيه) مقابل الدولار هذا قد يؤدي الي ارتفاع معدل التضخم في الفترات القادمة نسبة لتراجع الصادرات المصرية وزيادة الاستيراد، لذلك من الطبيعي للدولة المصرية أن يتدخل بطريقة مباشرة او غير مباشرة من أجل مناصرة الجيش السوداني والتي تهدف الي إنقاذ اقتصاده، لان مصر تشهد كثافة سكانية عالية جدا حوالي فوق  ١٠٠ مليون نسمة! ربما تحدث أزمة اقتصادية او ندرة في السلعة الأساسية في الفترات القادمة وسوف تمر مصر بثورة شعبية ضخمة، وهذا من ضمن مخاوف وتنبؤات حكومة عبدالفتاح السيسي، إضافة الي ذلك الولايات الشمالية في السودان تربطهم رابط اجتماعي وثقافي مع الشعب المصري منذ فترة الاستعمار الحكم التركي المصري! والشاهد علي ذلك معظم سكان الولايات الشمالية هربوا الي مصر فورا عندما اندلع الحرب في السودان منتصف أبريل ٢٠٢٣م بين الجيش وقوات الدعم السريع.

اما فيما يخص بجمهورية جنوب السودان، نجد ان جنوب السودان لديه مصلحه كبير مع العسكر في السودان وهي خطوط أنابيب البترول، حيث أن جوبا تعتمد علي صادراتها بمنتج واحد وهي البترول، والسودان الشمالي هو المعبر الوحيد لها فيما يتعلق بتصدير منتجه الوحيد! لذا جمهورية جنوب السودان مدين للمجلس العسكري بقيادة عبدالفتاح البرهان وملزم بدعمه وليس هناك خيار ثاني، اذا اراد الحفاظ علي مصالحه في السودان، ربما جمهورية جنوب السودان تدعم العسكر اي عبدالفتاح البرهان ماديا ومعنويا، لكن الكارثة الأكبر في حال وقوف المعارضة الجنوبية بجانب محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع، قد يزيد معاناة الحكومة الجنوبية في ظل الانهيار الاقتصادي والاجتماعي.

أخيرا، اثيوبيا صاحب أقل مصلحة بعد مصر وجمهورية جنوب السودان، يسعي ابي احمد، للخروج بأقل خسارة بسبب حرب الجنرالين.

من المعروف أن آبي أحمد، أي  الحكومة الإثيوبية، يضحي بالغالي والنفيس لحماية سد النهضة من الانهيار، الكل يعلم أن هناك صراع ثلاثي محتدم بشأن سد نهضة بين السودان ومصر وإثيوبيا، حيث إن مصر والسودان يدعيان بأنهما المتضررين الأكبرين من سد النهضة، فيما يتعلق بالتعبئة أي الملأ، إذ إن الدولة السودانية ستصبح في وضع خطر في حال انهيار السد.

ومن المؤكد أن كلا من مصر والسودان تملكان أسلحة الجو في حال تدخل إثيوبيا بجانب الدعم السريع، ربما نشهد انهيار أو تخريب سد النهضة في سيناريو محتمل، لذا يبدو آبي أحمد مهددا، وقد يواجه أعظم تحدي، وهو ما قد يرغمه على تقضيل اتخاذ موقف الحياد أو أي موقف إيجابي للحفاظ على سلامة سد النهضة.

خلاصة القول، أن الحرب في السودان سوف تؤثر علي الدول الإقليمية والأجنبية، بالذات الدول المجاورة أكثر ضررا وتمزقا؛ عندما نتحدث عن جمهورية تشاد لا بد أن نستحضر اعتمادها بشكل كبير على السودان فيما يتعلق بوارداتها من المواد الغذائية، غير أنها تستطيع إيجاد بدائل لاستيراد المواد الغذائية والوقود، أما أفريقيا الوسطى، ربما حالتها مشابهة لدولة تشاد لكنها تبقى أفضل حالا من تشاد، إضافة إلى ذلك، لدى جمهورية أفريقيا الوسطى علاقات جيدة مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، خاصة في الجانب العسكري وهي نفس حالة العلاقة مع دولة ليبيا (الخليفة حفتر)، واذا امتدت الحرب في السودان لفترات طويلة، قد تشهد الدولة السودانية فوضى عارمة بفعل ترشح أكثر للتدخلات الخارجية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في ظل استراتيجيات المصالح وتضاربها بين الأطراف المتدخلة، والمتدخلة أيضا، في نزاع الأشقاء في السودان (صراع المصالح اي صراع الموارد والنفوذ)، روهذا ما قد  يؤدي الي انهيار الدولة السودانية بالكامل بكل تداعياته الكارثية على الأفارقة وأفريقيا.

الله يحفظ السودان وأهل السودان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock