حوار

حوار مع اللواء والخبير الأمني الاستراتيجي السوداني حامد حقار حسن

لا خيار أمامنا سوى القضاء على ميليشيا الدعم السريع

وكالة آبي نيوز

بلغت الحرب الأهلية في السودان شهرها العاشر، دون أن تحقق أي نصر كامل لطرفي الصراع، قد ينبأ بانفراج قريب للأزمة التي فرقت الأشقاء ورسّخت الحرب العرقية في الخرطوم والجزيرة ودارفور، مخلفة ما يزيد عن ثلاثة عشر ألف قتيل، وسبعة ملايين نازح ولاجئ، دون الحديث عن الحالات اللا إنسانية التي هدمت النسيج لاجتماعي والأخلاقي لشعب يعرف أنه من أطيب الشعوب البلدان العربية وأكرمها.

ولمعرفة الأوضاع الحالية في سوداننا الشقيق، حاورت لكم وكالة آبي نيوز اللواء حامد حقار حسن، القيادي في حركة العدل والمساواة السودانية، الخبير الأمني الاستراتيجي وعضو لجنة الترتيبات الأمنية في اتفاقية جوبا للسلام اكتوبر2020.

آبي نيوز: قاربت الحرب بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع على دخول عامها الثاني، فماهي مآلات هاته الحرب؟
بالفعل قاربت الحرب في الخرطوم بين الجيش ومليشيا الدعم السريع، على اكمال عامها الأول، ودخولها العام الثاني في شهر أفريل/نيسان القادم، وقد تسببت في مآسي انسانية كبيرة جدا، ناهيك عن الملايين من النازحين واللاجئين المشردين في الداخل ودول الجوار، بعدما أجبروا على مغادرة بيوتهم وترك أحبائهم وذكرياتهم وراءهم، وهناك الآلاف من ضحايا المدنيين الذين فقدوا أرواحهم، إلى جانب الجرحى والمعوقين الذين امتلأت بهم المشافي، دون أن ننسى الهزات النفسية العنيفة والعميقة التي أصابت مختلف مكونات المجتمع السوداني ونسيجه الاجتماعي.

هناك ثلاث سيناريوهات يمكننا مناقشتها وهي على النحو التالي:

1- السيناريو الأول: هو انتصار ميداني واضح لمليشيا الدعم السريع على الجيش السوداني لكن هذا احتمال بعيد وغير واقعي.

2- السيناريو الثاني: انتصار مستحق للجيش السوداني على المليشيا: وهذا الاحتمال وارد من خلال المعطيات الميدانية، لأن الجيش كان متفوقا على المليشيا في بداية الحرب بسلاح الطيران، بينما تفوقت المليشيا بكثرة المشاة الذين بلغوا 120 ألف مقاتل، (حسب تعداد السجلات الرسمية للدولة)، لكن مع بداية الهجوم التحقت قوات المعارضة التشادية (فاكت) و(CCMR)، وقوات مالية (ازوار)، فبلغت العدد 250 الف مقاتل وبتسليح ثقيل من مدافع (الزو 23)، والكورنيت، الراجمات 40 دليل، كاتيوشا، ومدافع (D30) الثقيلة.

رغم كل هذا العتاد والعدد تمكن الجيش السوداني وبمهنية عالية من امتصاص الصدمة، والحفاظ على مقراته وصد كل الموجات البشرية والكثافة النارية بصبر وجلد وعزم.
إذن، على هذا الأساس أقول أن السيناريو الثاني وهو انتصار الجيش وارد نتيجة كفاءة وحداته. وهناك عامل آخر جديد وهو دخول سلاح جديد بدعم من إيران وتركيا، مما أحدث هذا العامل نقلة جديدة لجهة كسب المعارك وتغيير تكتيكات بل والسوق العسكري (الإستراتيجي) بشكل عام.

عامل التسليح الجديد، وإلى جانب المهنية والصبر الذي ذكرناها سابقا ستكون من العوامل التي تعجل بتحقيق السيناريو الثاني.

3- السيناريو الثالث: العودة إلى منصة جدة بالمملكة العربية السعودية واستئناف المباحثات والاتفاق على نقاط تحفظ ماء وجه الطرفين، وعودة قوات الدعم السريع إلى سابق عهدها أي إلى ما قبل يوم 14 أفريل 2023.

ولكن باقتراب الحرب من نهاية عامها الأول، يستبعد المراقبون السيناريو الأول والأخير، نسبة لتمكن الجيش من السيطرة ميدانيا، واستطاعة رئيس الدولة عبد الفتاح البرهان من التحرك دبلوماسيا وزيارة كل من جمهورية الجزائر الشقيقة، مصر، السعودية، وليبيا. ومتوقع أن يزور عدة دول إفريقية لغرض تغيير ولاء الافارقة من خلال منظمة (إيقاد)، لموقفها السابق لتأييدها للمليشيا ومن ورائها (الكفيل)، بين هلالين، دولة الإمارات العربية المتحدة.

آبي نيوز:

هل ترى أن زيارة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان الى ليبيا، ستساهم في وقف تسليح قوات حميدتي، أم أنها ستقتصر على اعادة ترتيب العلاقات مع دول الجوار؟ خاصة وأن العلاقة مع التشاد متدهورة وتكاد تصل الى القطيعة.

زيارة رئيس مجلس السيادة، عبدالفتاح البرهان إلي ليبيا أملتها تحديات المرحلة، هناك دول متهمة بإمداد مليشيا الدعم السريع بالأسلحة، أبرزها تقرير لجنة تنفيذ القرار رقم (1591)، ومن أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، وجاءت هذه الاتهامات من اللجنة الدولية للآجئين، هذه التقارير أكدت تورط دول إقليمية بأنها تقوم بتوريد الأسلحة والذخائر إلى عدة مطارات لدول مجاورة للسودان ومن ثم يتم نقلها برا إلى الأراضي السودانية، وهذه واحدة من ضمن عدة محاور أدرجت في أجندة اللقاء بطرابلس، وبالتالي فإن الزيارة ستساهم في وقف تدفق الأسلحة والمقاتلين المحسوبين على بعض دول الجوار والذين يتم تدريبهم وتسليحهم في ليبيا من الدخول مجددا إلي السودان عبر الصحراء.

إن انشاء جبهة وطنية من القوى السياسية وحركات الكفاح الثوري المسلح والمجتمع المدني والكيانات الأهلية والدينية، ستساهم بلا شك في إنهاء الحرب،

ولربما ستساهم الزيارة أيضا على تعزيز العلاقات البينية بين البلدين الشقيقين في إستراتيجية إعادة ترتيب العلاقات مع دول الجوار كليبيا وتشاد وإفريقيا الوسطي.

آبي نيوز: ما تعليقكم على التحالف الجديد بين حركة جيش تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد النور والحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بقيادة جعفر الميرغني؟

التحالف الجديد بين حركة/ جيش تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد النور والحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بقيادة جعفر الميرغني، يندرج في إطار الحوار السوداني- السوداني، وسيكون له ما بعده في إطار دعم الجيش الوطني السوداني، وإدانة إنتهاكات مليشيا الدعم السريع.

آبي نيوز: وهل ترون أن انشاء جبهة وطنية من القوى السياسية وحركات الكفاح الثوري المسلح والمجتمع المدني والكيانات الأهلية والدينية، ستساهم في إنهاء الحرب؟

نعم، إن انشاء جبهة وطنية من القوى السياسية وحركات الكفاح الثوري المسلح والمجتمع المدني والكيانات الأهلية والدينية، ستساهم بلا شك في إنهاء الحرب، فالفاعل في الحرب هو التدخل الأجنبي وليست صراعا بين المكونات السودانية في الأساس، فالتصدي للمؤامرات الأجنبية يتطلب جبهة داخلية متماسكة وفعل سوداني مؤثر لكسب الحرب.

آبي نيوز: لازالت تتعرض حركة العدل والمساواة لمحاولات تفتيت جسمها الثوري، من يقف وراء ذلك؟ ولماذا؟

بالفعل تعرضت وتتعرض حركة العدل والمساواة (JEM)، لمحاولات تفتيت جسمها الثوري، وبإمعان النظر إلى الانشقاق الأخير بعد حرب الخرطوم في 14 أفريل/ نيسان الماضي، استخدمت دولة الإمارات المال السياسي لشراء ذمم بواسطة قيادة مليشيا الدعم السريع، وقد كان ذلك واضحا في انشقاق بعض القيادات بعد عقد مؤتمرا في (أديس أبابا)، وأعلنوا فيه ضمنيا دعم الخط السياسي والعملياتي للمليشيا.

ي عالم السياسة إذا ما برزت منصة جديدة أو دعا الداعي للعودة إلى جدة فإن شروط الاستسلام (Terms of surrender)، هي الجند الوحيد التي ستضعها السودان أمام المنصة.

آبي نيوز: حسب منظوركم في حركة العدل والمساواة، ماهي العوامل الخارجية أو الدول التي تؤجج للحرب، وتعرقل السلام في السودان؟
جاءت الإدانات لدولة الإمارات العربية المتحدة من كبار المسؤولين في حكومة السودان، وخاصة مساعد القائد العام للجيش السوداني الجنرال ياسر العطا، وحركة العدل والمساواة جزء من منظومة الحكومة لذلك ترى نفسها منسجمة مع موقف الحكومة، وتدين مواقف الدول التي تؤجج الحرب في بلادنا وتعرقل السلام في السودان.

آبي نيوز: هل هناك امل حقيقي في منصة جدة للحوار؟ أم هناك بدائل أخرى؟

لا أظن بأننا نستطيع أن نطأ الماء مرتين، هناك واقع عملياتي جديد على الأرض وقد استطاع الجيش السوداني هزيمة المليشيا على الأرض وعلى وشك إبادتها ودحرها من العاصمة وإخراجهم من الأعيان المدنية، وبالتالي منطوق اتفاق جوبا كان للأغراض الإنسانية ومحاولة لتطبيق قواعد الاشتباك وقانون الحرب، لكن مليشيا الدعم السريع اعتدت بنفسها وبالسلاح والمال الأجنبي ورفضت الخروج من بيوت المواطنين والأعيان المدنية.

لكن مع استمرار الحرب وتمكن الجيش السوداني من دحر أدوات دولة الإمارات العربية، تكون منصة جدة للحوار نقطة تم تجاوزها بعد كسب المعارك على الأرض وبالتالي في عالم السياسة إذا ما برزت منصة جديدة أو دعا الداعي للعودة إلى جدة فإن شروط الاستسلام (Terms of surrender)، هي الجند الوحيد التي ستضعها السودان أمام المنصة.

آبي نيوز: في ظل تردي الوضع الإنساني، برأيكم ماذا يتطلب الأمر لتوقيف الحرب في السودان؟

في ظل تردي الوضع الإنساني، أرى أنه حان الوقت أنت تتحرك الأمم المتحدة، وتلتقط القفاز وتقوم بمبادرة إدانة الانتهاكات التي تقوم بها مليشيا الدعم السريع، من إبادة جماعية وعلى أساس العرق في حق شعب المساليت، وجرائم الحرب والاغتصاب وقتل على أساس الهوية في الخرطوم.

وبالتالي فإن الأمم المتحدة معنية بالسلام العالمي والاستقرار ويجب أن تعمل بمعزل عن مواقف الدول الكبرى ومصالحهم لوقف الحرب في السودان؛ وعلى المنظمات الدولية المعنية بالشأن الإنساني التحرك بسرعة لنجدة المدنيين وحمايتهم في زمن الحرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock