العالم

صدام الجنرالات في السودان… المواطن السوداني هو الخاسر الأكبر!!

على ما يبدو، إن يوم السبت الموافق 15 ابريل 2023م، من أطول وأصعب الأيام في تاريخ الدولة السودانية!

عمر موسي*

على ما يبدو، إن يوم السبت الموافق 15 ابريل 2023م، من أطول وأصعب الأيام في تاريخ الدولة السودانية! عاشت الدولة السودانية والمواطن السوداني لحظات هلع ومخاوف منذ صباح السبت بسبب النزاع المسلحة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بالعاصمة الخرطوم وعدد من الولايات والمحليات، حيث ان تراكم الخلافات بين الجنرالين الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان قائد قوات المسلحة السودانية والفريق اول محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع ادي الي مواجهات مسلحة بينهما، وبسبب ذلك تعيش الدولة السودانية في فترات صعبة وقد يؤدي بانهيارها.

إن هناك عدة أسباب ادي الي خلافات بين الجيش وقوات الدعم السريع! ومن ضمنها الاطماع السلطوي والاتفاق الإطاري والتوجهات الإقليمية والدولية، عندما نأخذ الاطماع السلطوي او الصراع على السلطة كسبب رئيسي نجد ان قائد قوات الدعم السريع منذ سقوط نظام الإنقاذ بدا في مشروع التمكين أي صناعة امبراطورية ضخمة، من اجل خلق قوة عسكرية موازية للقوات المسلحة حتى تستطيع ردع القوات المسلحة ونجحت في ذلك… كما نلاحظ دائماً قائد قوات الدعم السريع تذهب في طريق مخالفاً للجيش السوداني بالرغم من ان القوات الدعم السريع تحت أوامر القوات المسلحة، احياناً تصريحات حميدتي تدل علي ان قوات الدعم السريع قوة عسكرية خاصة ليس لديها أي صلة بالقوات المسلحة، اما في الجانب الاخر تصريحات قائد الجيش عكس ذلك وهو دائما يقول “ان قوات الدعم السريع ولد من رحم القوات المسلحة وقوات الدعم السريع قوات وطنية وساهم في حفظ امن وسلامة الوطن.

والبعض يراي بأن الاتفاق الإطاري هو السبب في الحرب الذي يشهده الدولة السودانية الان، لان الاتفاق الإطاري تهدف الي الإصلاح الأمني والعسكري! ولا ننسي ان الجيش وقوات الدعم السريع جمعياً وقعوا على الاتفاق الاطاري، وسبب الخلاف داخل الاتفاق الإطاري وهي مواقيت الدمج وكيفية الدمج لقوات الدعم السريع في القوات المسلحة، قدمت قوات الدعم السريع ورقتها في ورشة الإصلاح الأمني والعسكري ووضح بان دمج قوات الدعم السريع في الجيش تستغرق 10 سنوات اما ورقة القوات المسلحة تختلف عن ذلك وهي ما بين 2 الي 5 سنوات، لذا تعرقلت الاتفاق الاطاري وتم تأجيله الي اجل غير مسمى، كانت الاتفاق الاطاري برعاية الالية الثلاثية (الاتحاد الافريقي – ايقاد – الأمم المتحدة)، ومنذ فشل الاتفاق الاطاري كانت هناك توترات بين الجيش وقوات الدعم السريع بالرغم من ان هناك عدة مبادرات من الكتلة الديمقراطية والمملكة العربية السعودية والمجلس المركزي لاحتواء الازمة بين المكون العسكري الا ان هناك عدم الاستجابة من الجنرالين.

اما فيما يتعلق بالتوجهات الإقليمية والدولية، نجد ان عبد الفتاح البرهان لديه علاقات إقليمية وطيدة خاصةً دول الخليج العربي! وجمهورية مصر العربية من أكثر الدول تعاوناً في مجال العسكري مع القوات المسلحة السودانية، من حيث التدريب والتأهيل وبعض القواعد الجوية المشتركة مثل قاعدة مروي، اما قائد قوات الدعم السريع فيما يخص بعلاقتها الإقليمية متوترة نسبياً خاصةً مع دولة تشاد وليبيا ومصر والدليل على ذلك من اندلع الحرب بين الجيش والدعم السريع أعلنت الجمهورية التشادية بأغلاق حدودها الغربية مع السودان وهذا يعني قفل الباب في وجه حميدتي، لكن حميدتي يتمتع بعلاقات جيدة مع روسيا الاتحادية وخاصة مليشيا فاغنر.

في جانب الاشتباكات الحالية بين الجيش وقوات الدعم السريع، ان المواطن السوداني هو المتضرر الأكبر!! يمكن ينتصر حميدتي او برهان ولكن بالنسبة للشعب السوداني خسارة في كل الحالتين، لان الاشتباكات بين الجيشين داخل المدن وهذا من أخطر أنواع الحروب، نموذج لذلك تقديرات خسائر اليوم الأول 25 قتيل و183 من الجرحى والمصابين واغلبهم مدنيين الي جانب تدمير عدد من الاحياء السكنية والبنية التحتية، وهناك مخاوف إذا طال امد الحرب قد يؤدي الي الانفلات الأمني والمرض والجوع والنهب والقتل واللجوء!! ومن المؤسف المواجهات المسلحة في عدد من الولايات السودانية والاقتتال داخل الاحياء السكنية باستخدام الأسلحة الثقيلة وسلاح الجو، لذا هناك ردود فعل دولي كبير تناشد الجيش وقوات الدعم السريع لتوقف القتال خوفاً للمدنيين، ومن ضمن ردود فعل صارمة كانت الأمم المتحدة وامريكا وفرنسا وروسيا، اما الجامعة العربية اكتفي بالواسطة واثيوبيا دعي لضبط النفس، عبد الله حمدوك رئيس الوزراء الأسبق تنبأ بحرب إقليمي وانهيار الدولة السودانية.

في الختام، الدولة السودانية تمر بفترات صعبة جداً جداً، وهذه الفترة قد يراها البعض كارثية وأنها كذلك ومن الصعب يكون هناك تفاوض بين حميدتي والبرهان لأنهم وصلوا الي ازمة الثقة، هذا المواجهة تحت شعار النصر ام موت (victory or death)، لذا أصبح الانتصار هو الحتمي لكل الطرفين والكل يعلم ان الجنرالين من أكثر الأشخاص دموية في تاريخ السودان، وإذا استمر الوضع بهذه الكيفية سوف نشهد هناك تدخل من مجلس الأمن الدولي بأرسال قوات اممية الي السودان وتفعيل البند السابع لان هذا النزاع المسلح يهدد امن وسلم الدوليين، ومن هنا نناشد المجتمع الدولي بدعم الشعب السوداني لان الشعب السوداني تواجه مصير مجهول وأيضا نناشد سلطات جنوب السودان والسلطات التشادية وافريقيا الوسطي واثيوبيا بالتعامل الإنساني مع السودانيين اللاجئين في حالة تدهور الأوضاع في السودان، لان بداية الحروب معروفة ولكن نهايتها غير معروفة، الله يحفظ السودان والشعب السوداني.

ــــــــــــــــــــــــــــ

*عمر موسي كاتب وباحث استراتيجي من السودان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock