بروفايل

وفاة عبد الرحمان اليوسفي: نجم مغاربي ينطفئ

خصصت وكالة الأنباء الجزائرية ورقة عن الفقيد المجاهد والزعيم الوطني والمغاربي والأممي، عبد الرحمان اليوسفي، وعن أدواره النضالية التي اضطلع بها وعرف بها، إن على المستوى النضال الوطني، او على مستوى انشغال الفقيد بأمل الوحدة المغاربية.

توفي الوزير الأول الأسبق المغربي عبد الرحمن اليوسفي، المناضل السياسي الذي يعد أحد أبرز الوجوه المدافعة عن اتحاد المغرب العربي، يوم الجمعة بمدينة الدار البيضاء، بعد معاناة مع المرض عن عمر يناهز 96 سنة، حسبما أعلنته وسائل اعلام مغربية.

وكان عبد الرحمان اليوسفي (من مواليد عام 1924 بطنجة) أحد منظمي مؤتمر “طنجة” الذي وضع اللبنة الاساسية لمشروع المغرب العربي الكبير عام  1958، الذي شاركت فيه الأطراف المغاربية من المغرب وتونس، الى جانب الجزائر التي مثلها المجاهد عبد الحميد مهري عن “جبهة التحرير الوطني”.

وحصل اليوسفي على شهادة الاجازة في القانون وشهادة المعهد الدولي لحقوق الإنسان، واحترف مهنة المحاماة لدى محاكم طنجة من عام 1952 إلى عام 1960.

كما شغل خلالها منصب عميد سلك المحاماة في طنجة عام 1958،  ثم كاتبا عاما مساعدا لاتحاد المحامين العرب من عام 1969 إلى عام 1990.

وشغل اليوسفي -وهو من مؤسسي حزب الاتحاد الاشتراكي اليساري في المغرب- منصب الوزير الأول بين 1998 و2002، وتولى هذه المسؤولية بعد مسار طويل من المعارضة السياسية والعمل النقابي.

و انخرط اليوسفي في صفوف العمل السياسي وبالضبط في حزب “الاستقلال”، منذ عام 1943ّ، وكان من مؤسسي حزب “الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ” و”الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”.

اليوسفي … أحد أبرز وجوه المعارضة السياسية  في المغرب

وقد تعرض الفقيد للاعتقال والسجن والنفي, وأصبح وجها بارزا وأساسيا من وجوه المعارضة السياسية في المغرب.

وفي الفترة ما بين عام 1959 الى عام 1967، شغل اليوسفي منصب رئيس تحرير جريدة “التحرير” الصادرة عن “الاتحاد الوطني للقوات الشعبية” التي كان يديرها الراحل الفقيه البصري، ثم مندوبا دائما ل”للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” في الخارج، منذ تأسيس الحزب عام 1975، وهو عضو المكتب السياسي ل”لاتحاد الاشتراكي” منذ مؤتمره الوطني الثالث المنعقد عام 1978, فكاتبا اولا ل”لاتحاد الاشتراكي” منذ رحيل القائد التاريخي سي عبد الرحيم بوعبيد في 8 يناير عام 1992.

وكرس اليوسفي عمله من عام 1944 إلى 1949 لتنظيم الطبقة الشغيلة ب”الدار البيضاء”، ليتحول وانطلاقا من عام 1949 إلى عام 1952 الى الخدمة العمالة المغربية المهاجرة في فرنسا.

وشارك في تنظيم وإدارة حركة المقاومة وجيش التحرير، بعد عزل الفرنسيين للملك محمد الخامس عام 1953 إلى عام 1956، وأسس مع المهدي بن بركة والفقيه البصري والمحجوب بن صديق وعبد الرحيم بوعبيد وعبد الله ابراهيم, “الاتحاد الوطني للقوات الشعبية” بعد انتفاضة عام 1959.

 الآراء السياسية لليوسفي تضعه في مواجه القضاء

اعتقل اليوسفي في ديسمبر 1959 مع الفقيه البصري مدير جريدة “التحرير”،  بتهمة التحريض على “العنف والنيل من الأمن الوطني للدولة والأمن العام”, ثم أفرج عنه،  ثم اعتقل مرة أخرى في يوليو عام 1963 مع جميع أعضاء اللجنة الإدارية ل”لاتحاد الوطني للقوات الشعبية” بتهمة” التآمر”، وصدر عنه حكم بالسجن مدة سنتين مع وقف التنفيذ، وقد تم العفو عنه عام 1965.

دفن جثمان الفقيد عبد الرحمان اليوسفي بجانب قبر الزعيم الوطني عبد الله إبراهيم
دفن جثمان الفقيد عبد الرحمان اليوسفي بجانب قبر الزعيم الوطني عبد الله إبراهيم بمقبرة الشهداء في الدار البيضاء

توجه عبد الرحمان اليوسفي في نوفمبر عام 1965 إلى باريس للإدلاء بشهادته كطرف مدني في محاكمة مختطفي المهدي بن بركة، وبقي منذ ذلك الوقت في فرنسا لمدة 15 عاما، مختارا النفي, وحكم عليه غيابيا في جلسات محاكم مراكش (1969-1975)، وطالب المدعي العام بإصدار حكم بالإعدام على اليوسفي، ثم صدر حكم بالعفو عنه في 20 أغسطس 1980، وبعدها عاد إلى المغرب في أكتوبر من نفس العام.

واستقال اليوسفي من وظائفه السياسية بعد صور نتائج الانتخابات التشريعية عام 1993, احتجاجا على ما وقع فيها من “تلاعب وتزوير”, قبل أن يغادر الى فرنسا في سبتمبر 1993, ثم عاد بضغط من الاتحاديات والاتحاديين في فبراير من 1998, و عين وزيرا أولا، قائدا لحكومة التناوب التوافقي، و”منقذا” للبلاد، واستمر في مهامه إلى غاية نوفمبر 2002، حيث قرر مرة أخرى عزمه على اعتزال عالم السياسة ، بعد الخروج عن المنهجية الديمقراطية.

مسيرة سياسية حافلة عنوانها  خدمة القضية المغاربية، وبناء علاقات حسن الجوار

كرس الرجل طيلة مسيرته السياسية من أجل خدمة القضية المغاربية، وعمل بتفان من أجل بناء صرح مغرب عربي كبير وإعادة إنعاشه، وبناء علاقات حسن الجوار لا سيما مع الجزائر. ففي 7 ديسمبر 2018، أطلق عبد الرحمان اليوسفي من “وجدة”، نداء تاريخيا للمصالحة مع الجزائر في مهرجان بعنوان (المغرب والجزائر قاطرة بناء المستقبل المغاربي)، بهدف طي الخلافات، وفتح صفحة جديدة أساسها العلاقات القوية بين الشعبين المغربي والجزائري.

وكان اليوسفي مؤمنا بالاتحاد بين الدول المغاربية، وتأسف في إحدى خرجاته المعدودة في السنوات الأخيرة من استمرار تخييم الجمود على العلاقات المغاربية بينها مع ما لذلك من عواقب سلبية جدا على تنمية البلدَين.

ورغم اعتزاله السياسة سنوات قليلة بعد مطلع الألفية الثالثة، ظل اليوسفي عند جل المتابعين “وجها مشرقا “للعمل السياسي في نظر حتى معارضيه في الرأي أو في استئثاره بالصمت عندما تطلّع العديد إلى الإنصات لصوت النّضال الذي صقلته التجربة والزمن.

ولم يوقع عبد الرحمن اليوسفي سيرته الذاتية ليكشف أسرار تجربته الطويلة وأماله التي لم تتحقق ودوافع صمته الاختياري ليرافقه إلى مثواه الأخير لينطفئ نجم مغاربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock